اعتبارا لأهمية النهوض بالحقوق الثقافية وتعزيز الانفتاح الحضاري للمجتمع وإغناء تعدده اللغوي وتنوعه الثقافي والرقي به وصون قيم التسامح والتعايش المشترك، قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان توصيات وملاحظات، في تسع محاور أساسية، بشأن مشروع القانون رقم 56.20 المتعلق بالمتاحف ومشروع القانون رقم 55.20 المتعلق بتغيير القانون رقم 01.09 القاضي بإحداث المؤسسة الوطنية للمتاحف وتتميمه، المعروضين على البرلمان.
وتهدف توصيات المجلس وملاحظاته إلى تقوية أدوار المتاحف وتعزيز الحكامة، سواء المتحفية أو الثقافية، استحضارا لأدوار مثل هذه الفضاءات في حفظ الذاكرة الجماعية المغربية، إعمالا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وحماية التراث المادي واللامادي، الوطني والمحلي، وتعزيز حق مشاركة المواطنات والمواطنين في الحياة الثقافية، بشكل متساوي.
"دور المتاحف لا يقتصر فقط على صون تراثنا الثقافي والطبيعي"، تقول السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خاصة باعتبار "الأدوار المجتمعية التي يمكن أن تؤديها، حيث إنها تعد من بين الفضاءات الأساسية للتعليم والإلهام والحوار وبناء المشترك. يمكن لهذه الفضاءات أن تضطلع بدور حاسم في توطيد التماسك الاجتماعي ونشر المبادئ والقيم المشتركة وتعزيز قدرات زوارها الإبداعية...". لذلك، تضيف السيدة آمنة بوعياش، "هناك ضرورة لتوفير وعاء تشريعي يبوئ هذه المتاحف مكانتها الثقافية والحضارية والتاريخية ويضمن فعاليتها ويؤمن الولوج إليها والاستفادة منها على قدم المساواة ويمكنها من الاضطلاع بأدوارها الخليقة بها في مسار التنمية".
المساوة في الولوج إلى المتاحف والاستفادة منها والتوصيات المرتبطة بالتدبير المتحفي وتعزيز الحكامة والسياسة الثقافيتين ببلادنا وتشجيع إحداث متاحف جهوية ومحلية تجمع بين التراث الثقافي والرصيد الطبيعي وإدماج فضاءات الذاكرة المحدثة تفعيلا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، باعتبارها جزء لا يتجزأ من المتاحف. بالإضافة إلى ذلك، تستشرف ملاحظات وتوصيات المجلس بشأن مشروعي القانونين "متحف المستقبل" أو المتحف الرقمي، المنفتح والمنخرط بكل قوة في العصر الرقمي، بشكل يضمن توصيل الكنوز المتوفرة داخل هذه الفضاءات وذخائرها إلى ساكنة المناطق النائية أيضا وخاصة الناشئة والأطفال، بشكل يمَكن من الارتقاء باهتمامات ناشئتنا وأطفالنا وبأذواقهم وصقل معارفهم وهواياتهم.
تجدر الإشارة إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان رفع توصياته وملاحظاته إلى السلطة التشريعية يوم الثلاثاء 2 فبراير 2021، بعد مصادقة مكتب المجلس عليها في اجتماع الخميس 28 يناير 2021. ويأتي ذلك في سياق تجويد مشروعي القانون وتحقيق انسجامهما مع روح الدستور وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة والمرجعية الدولية لحقوق الإنسان واستلهام التجارب الفضلى عبر العالم.