في إطار سلسلة ندواته بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط في دورته 27، المنظمة من 2 إلى 12 يونيو 2022، عرف رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يومه السبت 04 يونيو 2022، تنظيم ندوة تم خلالها تسليط الضوء على موضوع "الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان".
وعرفت الندوة مشاركة الأستاذين الجامعيين صلاح باينة وعبدالمجيد الوديع، اللذين سلطا الضوء على مجموعة من المحاور من بينها: تكنولوجيا الرقمنة والذكاء الاصطناعي واستخداماته والتحديات التي يطرحها في مجال حقوق الإنسان، واقع وآفاق استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارات العمومية والمقاولات، وتعزيز الممارسات الفضلى في الفضاء الرقمي لمحاربة التحريض على العنف والتمييز والعنصرية وخطاب الكراهية، ونشر الأخبار الزائفة، فضلا عن استخدام المعطيات الشخصية التي قد تمس وتنتهك الحياة الخاصة، الخ.
وفي تعريفه لمفهوم الذكاء الاصطناعي، أوضح السيد صلاح باينة أنه شعبة من شعب الإعلاميات تمكن من تدبير اتخاذ القرارات بناء على المعطيات المستقاة، مشددا على حتمية تفاعل الإنسان مع الذكاء الاصطناعي لأنه بات يفرض نفسه بشكل متزايد. وفي علاقة هذا الأخير بحقوق الإنسان، أشار السيد باينة إلى أن الثورة الرقمية ليست آلية للمعرفة والترفيه فحسب بل أضحت آلية يمكن استثمارها للنهوض بمختلف حقوق الإنسان وحمايتها (حرية التعبير، احترام الحياة الخاصة للأفراد، الحق في التعليم، الحق في الصحة...).
من جهة أخرى، أوضح السيد باينة أن اعتماد الذكاء الاصطناعي، كآلية لاتخاذ القرار، يحتمل الوقوع في أخطاء يمكن أن تؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان في مختلف تجلياتها، موضحا أن السبيل الأنسب لتلافي سلبيات وتحديات الذكاء الاصطناعي يكمن في توخي الحذر واليقظة من خلال تعزيز المعرفة ومواكبة مستجدات المجال وتبني الممارسات الفضلى الكفيلة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، إلخ.
وبخصوص استعمال الذكاء الاصطناعي في مجال الخدمات والإدارات العمومية، أوضح السيد باينة أن تدبير البيانات الضخمة أضحى حاجة ملحة في ظل التحول الرقمي والتكنولوجي، مبرزا أن الجائحة فرضت على الدول تغيير ممارساتها في تدبير الشأن العام في جميع القطاعات من خلال تعزيز الاستخدام الرقمي للمعطيات الخاصة بالمواطنين وفق مقاربة تراعي حقوق الإنسان، مؤكدا أن اعتماد آليتي اليقظة والحق في التظلم معطى أساسي لتعزيز هذه المقاربة.
وفي مداخلته في هذه الندوة التي سيرتها السيدة رجاء بنسعود، أستاذة وباحثة في المجال الرقمي، أوضح السيد عبد المجيد الوديع أن ما يتيحه التحول الرقمي من إمكانيات مفتوحة يستدعي منا التفكير في التحديات المستقبلية التي قد تطال مجموعة من الحقوق وتعزيز الوعي بالمعرفة الرقمية ودمقرطة الوصول إلى المعلومة.
وفي علاقة الذكاء الاصطناعي بالإدارات العمومية والمقاولات، أوضح السيد الوديع أهمية الذكاء الاصطناعي والفضاء الرقمي في النهوض بالإنتاجية منبها في الوقت ذاته إلى التحديات التي يطرحها الموضوع على المستوى الحقوقي (حقوق العاملين، التوظيف، التواصل،..) وما يتطلبه ذلك من يقظة وتوعية.
يذكر أن التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لسنة 2021 قد قدم مجموعة من التوصيات في مجال الذكاء الاصطناعي والرقمنة تتعلق بتعزيز سبل الانتصاف القضائية وغير القضائية للمواطنات والمواطنين، وضرورة أخذ حماية حقوق الإنسان بعين الاعتبار، ولاسيما الحق في الخصوصية والمعطيات الشخصية والأمن عند تصميم التطبيقات والخوارزميات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.