انطلقت اليوم بمقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالرباط أشغال المؤتمر السابع لشبكة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بفضاءات دول تتحدث بالفرنسية، في سياق دولي يتسم بتحديات متزايدة، من توترات سياسية ونزاعات مسلحة، إلى تحولات رقمية متسارعة تطرح أسئلة جوهرية حول حماية حقوق الإنسان.
في كلمتها الافتتاحية، جددت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، التأكيد على ضرورة إضفاء زخم جديد على عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ~داخل الفضاء الدولي ل~لشبكة، خاصة في ظل ما يواجهه الفاعلون الحقوقيون من أزمة في الموارد المالية، تستدعي تعزيز العمل المشترك وتوحيد الجهود من أجل تقوية الترافع لدى الدول ودعم استقلالية وفعالية هذه المؤسسات.
وشددت السيدة بوعياش على أهمية تقاسم الممارسات الفضلى بين المؤسسات الوطنية، باعتباره مدخلا أساسيا للتأثير في السياسات العمومية والمسارات الوطنية لحماية حقوق الإنسان، مبرزة الدور المحوري الذي تضطلع به هذه المؤسسات في ترجمة المعايير الدولية لحقوق الإنسان إلى سياسات وممارسات ملموسة على المستوى الوطني.
ويولي المؤتمر المنعقد على مدى يومين (16-17 دجنبر) أولوية كبرى لموضوع الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان، باعتباره مجالاً يحمل فرصا واعدة يمكن أن تسهم في دعم عمل المؤسسات الوطنية، لكنه يثير في الآن ذاته انشغالات مقلقة تتعلق بالحق في الخصوصية، وعدم التمييز، وحماية المعطيات الشخصية، واحترام الكرامة الإنسانية… ومجموعة كبيرة من الحقوق الجوهرية.
وفي هذا السياق، أكدت السيدة بوعياش أن عددا من الخوارزميات لا تحترم المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، مما يفرض لعب دور اليقظة والتنبيه، ومساءلة الجهات المنتجة للتكنولوجيات الرقمية حول آثارها الحقوقية.
هذا وأبرزت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الرقمنة تفرض ضرورة إحداث جسور للتواصل والتنسيق بين مختلف الفاعلين، من مؤسسات وطنية، ومجتمع مدني، وخبراء وتقنيين، من أجل بناء مقاربات مشتركة تضمن التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية الحقوق والحريات.
تجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر ينعقد في ظل تنامي التأثير العالمي للذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد محصورا داخل الحدود الوطنية، بل بات يؤثر بشكل مباشر على منظومات الحقوق والحريات عبر العالم، الأمر الذي يبرز الحاجة الملحة إلى تفكير جماعي وإلى إرساء أطر ومعايير دولية مشتركة لتنظيم استخدام هذه التكنولوجيات، وضمان خضوعها لمبادئ حقوق الإنسان وحمايتها من أي استعمال تعسفي أو تمييزي.
من المرتقب أن تتوج أشغال المؤتمر بخارطة طريق عملية لتطوير آليات عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان داخل فضاء الدول التي تتحدث الفرنسية، وتعزيز قدراتها في التفاعل مع التحولات الرقمية، ولا سيما في ما يتعلق بإرساء أطر أخلاقية وحقوقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وضمان احترام حقوق الإنسان في السياسات الرقمية العمومية.
ويعكس احتضان المغرب لهذا المؤتمر، من خلال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الالتزام المتواصل بدعم التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان، وتعزيز الحوار بين المؤسسات الوطنية، والإسهام في بلورة رؤى مشتركة تستجيب للتحديات الناشئة المتسارعة
