نشر في

 

نقاش مستفيض حول سياسة الهجرة في المغرب، تفاعل معه زوار رواق المجلس بشكل ينم عن أهمية الموضوع، يرفع الستار عن البرمجة الغنية لأنشطة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إطار مشاركته في فعاليات الدورة 25 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء (7-17 فبراير 2019) والتي اختار لها موضوع الهجرة تحت شعار "الهجرة: حقوق بلا حدود".

أعطيت الكلمة في هذا اللقاء المنظم ضمن فقرة "نقاش"، التي يتم من خلالها تناول وتحليل قضايا متعددة ومتنوعة مرتبطة بحقوق الأجانب في المغرب، لكل من السيد أحمد توفيق الزينبي، عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أحمد اسكيم، الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أحمد شكيب، وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان-المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، وسير أشغالها محمد شارف، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بأكادير.

كيف نبعت فكرة تبني سياسة جديدة في مجال الهجرة في المغرب؟ ما هي الخطوات العملية التي قامت بها القطاعات الحكومية المعنية في هذا المجال؟ ما المجهودات التي يجب بذلها من أجل تحقيق إدماج حقيقي للمهاجرين في المغرب؟ وما التحديات المطروحة في هذا المجال والسبل الكفيلة برفعها والتغلب عليها؟ ... كانت تلك بعض الأسئلة التي حاول المتدخلون الإجابة عليها في هذا اللقاء الذي شكل فرصة لتعريف زوار رواق المجلس وإحاطتهم علما بمسار إطلاق سياسة الهجرة في المغرب والتطور الذي عرفته بدءا بإصدار تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول حقوق الأجانب بالمغرب وصولا إلى تبني الاستراتيجية الوطنية في مجال الهجرة واللجوء.

"إن التجربة المغربية في مجال إدماج المهاجرين الأجانب تتميز بكونها أول تجربة انطلقت من الجنوب لتقارب مسألة الهجرة بروح تضامنية وبدون حسابات اقتصادية أو ديمغرافية ...." يؤكد ممثل المجلس الوطني الذي تقاسم مع الجمهور أهم خلاصات تقرير المجلس حول حقوق الأجانب والذي تم اعتماده وفق مسلسل تشاوري منبني على مقاربة علمية في تحليل حقوق الأجانب بالمغرب.

تقرير تاريخي توج بمجموعة من الخلاصات البنيوية تتمثل أساسا في دعوة السلطات العمومية ومجموع الفاعلين الاجتماعيين والدول الشريكة للمغرب إلى العمل بشكل مشترك من أجل بلورة وتنفيذ سياسة عمومية فعلية في مجال الهجرة، ضامنة لحماية الحقوق ومرتكزة على التعاون الدولي وقائمة على إدماج المجتمع المدني، والتي تنتظم على الأقل حول المكونات الأربعة التالية: وضعية اللاجئين وطالبي اللجوء، الأجانب الموجودين في وضعية إدارية غير قانونية، مكافحة الاتجار في الأشخاص والأجانب في وضعية نظامية.

مباشرة بعد تقديم هذا التقرير، الذي يعد اللبنة الأساس ونقطة انطلاق السياسة الجديدة في مجال الهجرة واللجوء في شتنبر 2013، تم إصدار بيان للديوان الملكي يذكر بأخذ جلالة الملك علما بتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وبدعوته إلى نهج مقاربة شمولية وإنسانية تلتزم بمقتضيات القانون الدولي وتتبنى التعاون المتعدد الأطراف لينطلق بعد ذلك مسلسل وضع سياسة وطنية جديدة في مجال الهجرة واللجوء.

سياسة جديدة في التعاطي مع موضوع الهجرة، توجت باعتماد الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء التي تقوم، حسب السيد اسكيم، على أربعة أهداف تتمثل أساسا في تدبير تدفق المهاجرين في إطار احترام حقوق الإنسان، ضرورة إقامة إطار مؤسساتي ملائم وتأهيل الإطار القانوني وتسهيل اندماج المهاجرين الشرعيين. هذه الاستراتيجية تنبني، يضيف، على رؤية قائمة على ستة مبادئ تتمثل في اعتماد مقاربة إنسانية، شاملة وحقوقية، مطابقة للقانون الدولي وتنبني على التعاون المتجدد مع مختلف الأطراف والمسؤولية المشتركة.

حصيلة ومكتسبات مهمة حققت على أكثر من مستوى، لكنها لم تمنع السيد اسكيم من تذكيرنا بأهم التحديات التي تطرح في مجال الإعمال الفعلي لسياسة الهجرة واللجوء في المغرب والمتمثلة أساسا في ضرورة تعزيز الإطار التشريعي، وأهمية تحديد محاور التنزيل الترابي للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء وتقوية الشراكة مع الجهات والجماعات من أجل إدراج قضية الهجرة في المخططات التنمية الجهوية والمحلية وتعزيز منظومة تنسيق الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء عبر تقوية القدرات ووضع المؤشرات التقييمية للمنجزات وتطوير الاحصائيات حول الهجرة...

وفي ختام هذا اللقاء، دعا المشاركون وشددوا على ضرورة إشراك وإعطاء الكلمة للمهاجرين أنفسهم في النقاش حول القضايا التي تخصهم وخلق فضاءات للتعبير عن انشغالاتهم والسهر على تنفيذ الميثاق العالمي للهجرة على المستوى الوطني وإدماج بعد الهجرة بشكل أفضل في استراتيجيات ومخططات التنمية الوطنية والجهوية، فضلا عن تحسين وسائل توجيه وتتبع مدى اندماج المهاجرين في الخدمات العمومية ودعم التحسيس والتواصل مع العموم والفاعلين الرسميين والمجتمع المدني والإعلام حول سياسة الهجرة بالمغرب والعيش المشترك.

يذكر أن مشاركة المجلس في هذه الدورة، التي تأتي تحت شعار "الهجرة: حقوق بلا حدود"، تهدف إلى النهوض بحقوق المهاجرين والترافع حول الإعمال الفعلي لها. ومن هذا المنطلق، وعلى امتداد عشرة أيام، ستعطى الكلمة لعدد من الفاعلين المدنيين والسياسيين والمؤسساتيين والمؤلفين وزوار المجلس المهتمين للتفاعل ولمناقشة قضية الهجرة ووضعية الأجانب في المغرب والوقوف أيضا على المكتسبات والتحديات المطروحة في هذا المجال.
تحميل برنامج مشاركة المجلس في المعرض الدولي للنشر والكتاب

اقرأ المزيد