رصد المجلس في تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2021 تحت عنوان "تداعيات كوفيد-19 على الفئات الهشة ومسارات الفعلية" التأثر السلبي لبعض الحريات العامة بسبب استمرار سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية وما رافقها من قيود على استعمال الفضاء العمومي. ويتوقع التقرير أن تطبع الآثار المباشرة وغير المباشرة لجائحة كوفيد-19 أوضاع حقوق الإنسان في المغرب والعالم بأسره لفترة طويلة.
ورغم الإكراهات التي فرضها سياق الجائحة على حماية حقوق الإنسان ببلادنا وتأثيره على الولوج الفعلي للمواطنات والمواطنين لحقوقهم الأساسية، سجل المجلس بعض المبادرات التي أطلقت سنة 2021 والتي اعتبرها بمثابة فرص حقيقية داعمة للنظام الوطني لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها. وتتحدد هذه الفرص، حسب التقرير، في ثلاث محطات أساسية:
- انطلاق تفعيل التوجهات الاستراتيجية الجديدة في مجال التنمية؛
- تسريع ورش تعميم الحماية الاجتماعية التي ينتظر أن توفر حماية أكثر ضد المخاطر الاجتماعية والاقتصادية لشرائح عريضة من المجتمع المغربي؛
- القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي الذي يسجل التقرير إمكانية مساهمته في تمويل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وفيما يخص الحقوق المدنية والسياسية، يسجل التقرير تمكن السلطات ومختلف الفاعلين من الحفاظ على انتظام الانتخابات عبر تنظيم ثلاث استحقاقات انتخابية في سياق استثنائي. كما وقف عند استمرار تأثير العديد من أشكال ممارسة الحريات العامة للإكراهات المرتبطة بحالة الطوارئ الصحية، ورصد استمرار بعض مظاهر التفاوت بين القانون والممارسة في قضايا المساواة وجهود تحسين الوضع الاعتباري للمرأة.
مقترحات المجلس لمواجهة تحديات ما بعد الجائحة:
يرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الوعي بالطابع المتداخل والمركب لقضايا التنمية وحقوق الإنسان يستدعي إعمال منهج للتفكير وبرنامج عمل لكل المتدخلين في مجال التنمية وحقوق الإنسان، لمواجهة التحديات التي تعرفها عملية تدبير الشأن العام في مجتمع المخاطر لما بعد الجائحة، وعلى مستويات متعددة، منها:
- إعادة تعريف التنمية البشرية عبر ربطها برفع تحدي الاستدامة وتمكين الأفراد والجماعات وتعزيز قدرتهم على الصمود في وجه الأزمات واحتواء المخاطر؛
- إعادة ترتيب أولويات السياسة العامة للدولة في اتجاه تصحيح التفاوتات الحادة التي ترمي بفئات واسعة خلف ركب التنمية وتعيق الولوج الفعلي للحقوق؛
- ضمان احترام حقوق الإنسان في المؤسسات المنتجة للثروة وعلى رأسها المقاولات التي تشكل إحدى أهم مراكز تمفصل التنمية وحقوق الإنسان في المجتمع؛
- مواجهة تحديات مناخ اللايقين المرتبط بجائحة كوفيد-19 والتحولات المناخية والتداعيات الجيو-استراتيجية للنزاعات الدولية، التي تفرض على بلادنا استباق الأزمات المحتملة في مجالات الأمن الطاقي والغذائي والتهديدات المرتبطة بتدفقات الهجرة.
ويتوقع المجلس أن تشكل هذه القضايا وغيرها حافزا على تعزيز السيادة الوطنية وتوسيع هامش اعتماد الاقتصاد الوطني على الذات من خلال ربطه برهان بناء الدولة الاجتماعية وتعزيز قدرته على تمويل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وكذا تكريس البعد المتعلق بالإدماج باعتباره أهم أبعاد التنمية المستدامة والشاملة وأهم ضمانات الولوج الفعلي لحقوق الإنسان الأساسية بما يضمن عدم ترك أي أحد خلف ركب التنمية.