وصى المشاركون في أشغال الندوة الجهوية حول موضوع ''العدالة المجالية والسياسات العمومية وفعلية الحقوق بالجهة"، التي نظمتها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بطنجة– تطوان–الحسيمة، بضرورة تقليص مظاهر الفقر والبطالة وفك العزلة عن المناطق النائية والعمل على تقليص الفوارق بين الجنسين لتفادي هشاشة التماسك الاجتماعي، وضمان توزيع مجالي عادل للمشاريع الكبرى المهيكلة وتوجيهها للمناطق الأقل تنمية، وتعزيز الموارد المالية للجهة وباقي الجماعات الترابية وفق معايير واضحة، وتفعيل دور الجامعة والبحث العلمي في جميع مراحل بلورة السياسات العمومية، وكذا العمل على استعادة ثقة المواطن والمواطنة في قدرة المؤسسات والسياسات العمومية على الاستجابة لحقوقه الأساسية، و الرفع من جودة الخدمات العمومية على رأسها التعليم والصحة والعدالة والسكن والنقل العمومي.
وفي كلمتها الافتتاحية خلال هذا اللقاء، المنظم يوم الجمعة 22 نونبر 2019 بطنجة، أكدت السيدة سلمى الطود، رئيسة اللجنة الجهوية بجهة طنجة –تطوان-الحسيمة'' على أهمية موضوع هذا اللقاء الذي يتمحور حول فعلية الحقوق والحريات بالمغرب بهدف وضع الركائز التأسيسية لعقد اجتماعي جديد، مضيفة أن هذه الندوة تندرج ضمن اللقاءات التي يقوم بها المجلس الوطني ولجانه الجهوية بهدف إشراك كل المكونات والفعاليات المجتمعية في التفكير والنقاش العمومي من منظور حقوقي حول المعيقات والإكراهات التي حالت دون أن يحقق النموذج التنموي الحالي الرهانات والأهداف التي كانت منتظرة منه في تنمية شاملة عادلة لكل الفئات.
بدوره اعتبر السيد محمد الهاشمي، أستاذ باحث، مستشار لدى رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في مداخلته التي تمحورت حول ''فعلية الحقوق نحو عقد اجتماعي جديد''، أن التوترات الاجتماعية التي عرفها المغرب في السنين الأخيرة هي نتيجة لسوء تدبير الشأن العام المحلي ولتراكم الاختلالات في السياسات العمومية، التي لم تعد قادرة على الاستجابة لمتطلبات المواطنين والمواطنات، فأفرزت تفاوتات مجالية وطبقية، مما يستدعي بحسب الأستاذ الهاشمي، اعتماد سياسات عمومية مبنية وفق مقاربة وقائية واستباقية وذات مضمون حقوقي، حتى يتسنى لها تمكين كل الفئات من الولوج لحقوقهم الإنسانية الأساسية.
وبالنسبة للمحور المعنون '' إشكاليات العدالة المجالية وتأثيرها على حركية السكان وفعلية الحقوق بالجهة''، أوضح الأستاذ والباحث في الحكامة الترابية، السيد رشيد الدردابي، أسباب التفاوتات المجالية بالجهة والمرتبطة إما بقواعد السوق الحر أو بالسياسات العمومية المتبعة من طرف الفاعلين أو بسياسات التحفيز الضريبي، مما يُنتج مناطق هامشية فقيرة وأخرى مستفيدة من الاستثمارات الضخمة.
من جانبها، تطرقت الأستاذة حكيمة ناجي، الخبيرة في مجال النوع وعضوة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى أهمية النقاش المجتمعي لإعداد النموذج التنموي، مبرزة أعطاب الاختيار التنموي الحالي (مقاربة تمييزية، وتيرة نمو ضعيفة، الازدواجية الثقافية...) مضيفة بعض المداخل لبناء النموذج التنموي الممكن، كما سلطت المتدخلة الضوء على الاشكاليات الحقوقية المعاشة من طرف عاملات الفراولة في الحقول الإسبانية والنساء الحاملات للبضائع بالمعبرين الحدوديين (سبتة ومليلية).
وتمحوت المداخلة الأخيرة للسيد محمد المرابطي، أستاذ باحث في مجال حقوق الإنسان، حول ''ضعف المحاسبة والشفافية والتقييم والتتبع في السياسات العمومية وتأثيرها على فعلية الحقوق''، وخلص من خلالها إلى الحاجة الملحة لبناء عقد اجتماعي جديد يقوم على أساس المواطنة النزيهة، تتقاسم فيه الأدوار الدولة والمجتمع المدني.
تجدر الإشارة أن هذه الندوة الجهوية عرفت حضور أكثر من 160 مشاركا ومشاركة يمثلون القطاعات الحكومية والجماعات الترابية والجامعة والمجتمع المدني والإعلام.