نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء-سطات يوم الخميس 24 أكتوبر بمقرها بالدار البيضاء ورشة تفكير موضوع "فعلية الحقوق وعلاقتها بالنموذج التنموي".
و في كلمته الافتتاحية بهذه المناسبة، أكد السيد منير بنصالح الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المجلس يهدف، من خلال تنظيم هذه الورشات الجهوية المساهمة،إلى تعميق النقاش العمومي الدائر حول الحاجة إلى نموذج تنموي جديد يأخذ بعين الاعتبار فعلية الحقوق كمرتكز أساسي من أجل عقد اجتماعي جديد يكرس قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
بدورها اعتبرت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء – سطات، الأستاذة السعدية وضاح أن موضوع هذه الورشة الفكــــرية يأتي من كـــون فعلية الحقوق ليست مقتصـــــرة فقط على تغييــر القوانين وملائمتها، بل مرتبط بالتطبيق الفعلي للحقـــوق الأساسية التي تهــدف الى حماية كــرامة الإنسان ومبادئ الديمقراطية والاجتماعية التي أكـــدها الدستور وحكامــــة هــذه الحقــوق وأثـــرها فــي المسار الديمقراطي للبلاد، مضيفة أن الورشة تندرج ضمن سلسلة ورشات ولقاءات جهوية أطلقها المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمواكبة النقاش العام حول النموذج التنموي البديل.
واعتبر المشاركون في هذه الورشةأن فعلية الحقوق وعلاقتها بالنموذج التنموي يمكن تناولها من عدة مداخل منها السياسي - المؤسساتي الداعم الوثيق بين حقوق الإنسان والديمقراطية والسوسيو اقتصادي لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين والحقوق الرقمية وتدبير الفضاء العام.
وفي هذا الإطار، أكد الأستاذ عبد الجبار عراش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن الحديث عن نموذج تنموي يضمن فعلية حقوق الإنسانيطرح إشكالية جدلية حول علاقته (النموذج التنموي) بالديمقراطية الفعلية، معتبرا أن التنمية الشاملةتستوجب على وجه الضرورة الديمقراطية الشاملة.
و اعتبر الأستاذ عراش أن محدودية النموذج أو السياسات التنموية الحالية وآثاره الضعيفة على فعلية الحقوق، يرجع بالأساس إلى ما يعرفه مسار التحول الديمقراطي بالمغرب من تعثر، مؤكدا الحاجة الملحة إلى رفع تحدي استكمال مسار البناء الديمقراطي والتنموي في آن واحد من عدة مداخل، و على رأسها مدخل تفعيل حقوق الإنسان.
وأضاف أن احترام حقوق الإنسان وتفعيلها ما هو إلى تمهيد إلى الديمقراطية الحقة، مبرزا في هذا الإطار عامل المقاربة الحقوقية في نجاح التجربة الديمقراطية في دول الشمال و فشلها أو تعثرها في دول الجنوب.
من جانب آخر، أبرزت السيدة ثرية العومري، الخبيرة في مجال النوع الاجتماعي، أن النموذج التنموي الحالي أخفقفي تحقيق الأهداف المرجوة، وفي مقدمتها التخفيف من الفوارق بين الجنسين لأنه لم يجعل من المساواة محورا مركزيا وأساسيا، مضيفة أنه بالرغم من المسار الإيجابي الذي عرفته بلادنا في هذا المجالإلا أن هذا المسار تعترضه عراقيل سياسية و مجتمعية.
واعتبرت السيدة العومري أن هذا التعثر ساهم بشكل مؤثر في تأخر المغرب في مجال الحقوق الأساسية بحسب المؤشرات الدولية وأهمها مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي حيث تحتل بلادنا المراتب المتأخرة (م 23) بالنسبة لسنة 2018، خاصة مؤشري التربية والتعليم والصحة.
ومن أجل تجاوز هذه الوضعية، دعت الخبيرة إلى تنزيل فحوى الفصل 19 من الدستور الذي يكرس المساواة الحقيقية بين الجنسينكآلية من آليات الحكامة والحماية والمراقبة فيما يتعلق بضرورة استحضار السياسات العمومية لمبدأ المساواة الفعلية في إطار رؤية مندمجة والتقائية بين القطاعات.
يذكر أن لقاءات اللجن الجهوية لحقوق الانسان ستتمحور حول فعلية الحقوق والحريات في المغرب انطلاقا من ثلاث لحظات مترابطة ومتكاملة فيما بينها، وهيتقييم واستعراض واقع حال فعلية الحقوق في المغرب ارتباطا بالخصوصيات الجغرافية والسوسيو اقتصادية لكل جهة،واستكشاف بعض مرتكزات التفكير في بناء مقاربة حقوقية للتنمية، واقتراح مداخل تعزيز ودعم فعلية الحقوق والحريات، وفق رؤية متكاملة يمكن أن تشكل أرضية لصياغة سياسات عمومية وطنية دامجة للحقوق والحريات وقادرة على الاستجابة للتحديات المطروحة على مستوى الجهات الإثني عشر.
ويروم المجلس من هذه اللقاءات ووفق مقاربة تشاركية صاعدة(bottom-up) ، الإنصات للمواطنين لإبداء آرائهم في العوائق والإكراهات التي تحول دون تفعيل الحقوق والحريات للجميع وإشراكهم في التفكير في الحلول الكفيلة بتجاوز هذه المعيقات ودعم فعلية الحقوق ببلادنا.