أكد الأستاذ مصطفى الناوي، مدير الدراسات والأبحاث والتوثيق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن الفصل 12 من الدستور المغربي يلخص كل شيء عن منظمات المجتمع المدني، إذ جاء فيه: "تُؤسس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون". و"لا يمكن حل هذه الجمعيات والمنظمات أو توقيفها من لدن السلطات العمومية إلا بمقتضى مقرر قضائي...".
وأشار ممثل المجلس خلال مداخلته في هذا اليوم الدراسي، المنظم عن بُعد من لدن الهيئة المغربية لحقوق الإنسان حول موضوع "حرية تكوين الجمعيات بالمغرب بين المواثيق الدولية والتشريع المحلي وواقع الحال"، إلى أن هذا المقتضى الدستوري يؤكد أن دستور 2011 أعطى للمجتمع المدني المكانة الخليقة به داخل المجتمع، لأنه ربطه بمسألة الديمقراطية التشاركية، ونص نصا صريحا منذ الفقرة الأولى على مسألة الحرية.. حرية التأسيس وحرية ممارسة الأنشطة. كما نص على أن هذه الجمعيات يجب أن تسير، هي نفسها، بطريقة ديمقراطية".
وقبل أن يستعرض أهم التوصيات الواردة في المذكرة التي قدمها المجلس لرئيس الحكومة في نونبر 2015 حول "حريةالجمعيات بالمغرب "، أشار المتدخل إلى أن "المجلس أسس مذكرته حول حرية الجمعيات، على كون حرية الجمعيات تقع في مفصل الحق والحرية، لذلك فنحن بصدد حرية داخل حق أو حرية تمارس في إطار حق"، مضيفا أن "المجلس أسس موقفه بخصوص الجمعيات انطلاقا من الواقع، ولكن كذلك بناء على المرجعية الدولية لحقوق الإنسان التي نجد في جميع صكوكها إشارة إلى هذا الموضوع، وعلى المقتضيات الدستورية والتشريعية الجاري بها العمل في بلادنا".
وذكر المتدخل أن من بين أهم التوصيات التي تضمنتها مذكرة المجلس تلك المتعلقة بالإطار القانوني للجمعيات، حيث يعتبر المجلس أن الهدف المنشود من إصلاح هذا الإطار الذي يحكم حرية الجمعيات، يتمثل أساسا في تعزيز ضمانات حرية الجمعيات واستقلالية النسيج الجمعوي من أجل تمكين المجتمع المدني من لعب دوره المكرس في الدستور، وذلك من خلال توفير الحلول القانونية والمؤسساتية لجملة من القضايا الأساسية بشكل يتم معه ترسيخ المنطق الليبرالي والتصريحي الذي يعد من ضمن أبرز سمات الإطار القانوني للجمعيات.
وفي معرض استعراضه لتوصيات المجلس، ركز الأستاذ الناوي على أهمية استبدال العقوبات السالبة للحرية بالغرامة، وتمكين الأطفال بين 15 و18 سنة من الحق في تأسيس جمعياتهم من أجل ضمان تفعيل حقهم في المشاركة، وإمكانية إيداع التصريح بالتأسيس أو تجديد الأجهزة إلكترونيا، وذلك في إطار إضفاء الطابع اللامادي على هذه الإجراءات، وإحداث إطار قانوني نظامي للعمل التطوعي، وتعديل المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية لتمكين جميع الجمعيات من أن تنتصب طرفا مدنيا وعدم قصر هذا الحق على الجمعيات ذات المنفعة العامة، كما أشار إلى التوصية المتعلقة بضرورة تعليل قرارات السلطات العمومية على اعتبار أن التعليل مسألة حضارية وتمنح للمواطَنة مكانتها، إلخ.
وختم الأستاذ الناوي تدخله بالتأكيد على أن المغرب يفتقد لتصور عام استراتيجي لما ننتظره من منظمات المجتمع المدني، ولكيفية تنويع سياساتنا العمومية وإخضاعها لهذه الاستراتيجية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اليوم الدراسي، الذي نظم يوم الجمعة 19 فبراير 2021، أشرف على تسيير المناقشة خلاله عضوا الهيئة المغربية لحقوق الإنسان الأستاذة فاطمة الشعبي والأستاذ محمد نبو.
وتميز بمشاركة كل من الأساتذة إسماعيل العلوي، وزير سابق وفاعل مدني وسياسي وحقوقي، وأحمد النويضي، قاض سابق وفاعل حقوقي، وكمال الحبيب، ناشط حقوقي، وسارة سوجار، ناشطة حقوقية، ثم بلغيث حميد، أستاذ جامعي وفاعل حقوقي. وقد ناقش المتدخلون في جلستين موضوع "نطاق احترام تأسيس الجمعيات بالمغرب في ضوء البرامج الحكومية وعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ما بعد سنة 2011"، ثم موضوع "واقع الممارسة العملية لحرية تأسيس الجمعيات والحق في التنظيم، ودور القضاء في حمايتها من الشطط والتضييق.