أكدت السيدة آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن جل الفاعلين المؤسساتيين وغير المؤسساتيين يشتركون في كون مسألة التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية تعاني من وجود فجوة بين الجهود المبذولة والنتائج التي يلمسها المواطن في حياته اليومية، والتي لا تزال كبيرة. ويرجع ذلك لضعف التفاعل والتواصل والتنسيق بين مختلف المتدخلين في العملية التنموية، وكذا لغياب الالتقائية وتقارب الرؤى وتضافرها وتكاملها والتنسيق في تنفيذ البرامج التنموية، مؤكدة أن أصل أزمات العدالة المجالية يعود بالأساس إلى عدم الاستثمار في الشأن المحلي وتدبير الخدمات العمومية مما يجعلنا مطالبين بوضع ميثاق اجتماعي جديد يتم إعداده على المستوى المحلي، والقطاعي والجهوي ووفق مقاربة تشاركية.
ومساهمة من المجلس في هذه الدينامية أعلنت السيدة أمينة بوعياش أن المجلس عقد 12 عشر لقاءا جهويا في كل جهات المملكة، شارك فيها فاعلون محليون، ومستثمرون، واقتصاديون ومنتخبون... حيت تمت مناقشة إشكالية التدبير المجالي في إطار الجهوية المتقدمة وأنه سيتم إصدار مضامين هذه اللقاءات خلال شهر فبراير القادم ليطلع عليها العموم.
وأشارت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان، في الندوة الفكرية التي احتضنها مقر مؤسسة الفقيه التطواني بمدينة سلا مساء السبت 4 يناير 2020 حول موضوع "علاقة حقوق الانسان بالنموذج التنموي الجديد"، بحضور ثلة من ممثلي الصحافة الوطنية، إلى كون أزمة التنمية المجالية المتمثلة في غياب المساواة جغرافيا وديمغرافيا وتراكمها عبر التاريخ، شكلت تحديا للسلطات المركزية. لأن أزمات الولوج إلى الخدمات العمومية أو الثقافية أو البيئة السليمة أو الرفاه بشكل عام أصبحت تتواتر، وأصبحت هذه الأزمات أحد عناصر القوة المحركة التي تنطلق منها شرارة التعابير العمومية الاجتماعية.
وبخصوص استقلالية المجلس الوطني لحقوق الانسان، أكدت السيدة الرئيسة أن المجلس مؤسسة دستورية مستقلة تعتمد مبادئ باريس التي تنص على الاستقلالية والحياد والموضوعية، وأن مهامه ومسؤوليته تضعه ما بين الوطني والكوني وفي قلب العلاقة بين الدولة والمجتمع، وذلك بهدف ضمان حقوق الانسان عبر توطيد دولة القانون من خلال ملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية.
كما شددت السيد آمنة بوعياش على أن القانون الجديد للمجلس الوطني لحقوق الانسان وضع له اختصاصات أوسع بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وآلية تظلم الأطفال ثم آلية خاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة، وبالتالي فإنه يطرح عليه تحديات كبيرة، مذكرة باستراتيجية عمل المجلس التي تعتمد على مفهوم "فعلية حقوق الانسان" أي على ترجمة مبادئ حقوق الانسان وقيمها إلى واقع عملي.
وختمت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان تدخلها بالتأكيد على أهمية الثقافة في تحقيق أي تنمية وأنه أصبح من واجنا كمغاربة جعل الثقافة محور التنمية من خلال خلق دينامية اقتصادية تدور حول الثقافة، بل وجعلها موردا لخلق الثروة في البلاد. وذكرت بأن موضوع الثقافة أخذ حيزا مهما في نقاشات اللقاءات الجهوية التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الانسان.