أشادت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، بفكرة "برنامج الجامعة في السجون"، الذي تنظمه المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، لما تحمله من دلالات البحث والنقاش والحوار التي جعلت من المؤسسات السجنية، منذ الدورة الأولى، مجالس للنقاش والفكر وليس فقط موضوعا للبحث والتجريب، كما جعلت من نزيلات ونزلاء المؤسسات السجنية فاعلين في الحوار والتفاعل وإبداء الرأي والرأي المضاد مع باقي المتدخلين والمحاضرين من خارج الفضاء السجني.
وأبرزت السيدة بوعياش، في كلمة ألقاها السيد منير بنصالح، الأمين العام للمجلس، بمناسبة الجامعة الخريفية المنظمة في 21 شتنبر 2022 بالسجن المحلي بسلا، حول موضوع "تعزيز مشاركة المجتمع المدني في تأهيل السجناء لإعادة إدماجهم والوقاية من العود"، أن "كل القضايا التي تناولتها الدورات السابقة للجامعة لها علاقة مباشرة بالسجن والسجناء"، مشددة على أن "المشاركة كمبدأ عرضاني في التدبير حق من حقوق الإنسان، وهو متأصل في المواثيق الدولية وفي الدستور المغربي".
واعتبرت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان اختيار موضوع الوقاية من العود إلى الجريمة كمحور من محاور هذه الجامعة، مساهمة حقيقية في النقاش لفهم هذه الظاهرة، خاصة وأن حصيلة البحث العلمي الميداني في هذا المجال جد محدودة، مما يفسح المجال لأحكام جاهزة لا تستحضر تعقيدات الظاهرة الإجرامية بشكل عام وتشعباتها وأسبابها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والفكرية أحيانا. وأضافت أن المغرب "لا يتوفر على أي آلية موكول إليها تحليل الظاهرة الإجرامية، باستثناء ما تنتجه مؤسسات إنفاذ القانون من إحصائيات، وفي بعض الأحيان من قراءات مرتبطة بطبيعة المؤسسة المنتجة للأرقام".
وفي هذا الإطار، جددت السيدة بوعياش دعوة المجلس للسلطة التنفيذية بإخراج "المرصد الوطني للإجرام" إلى حيز الوجود كي يتمكن من القيام بمهامه، كما أكدت على دور المجتمع المدني في تأهيل السجناء لإعادة إدماجهم، إلى جانب الفاعلين المؤسساتيين الآخرين، لما راكمه من تجربة في المجالات الحقوقية والاجتماعية والتنموية، مذكرة في السياق ذاته بتوصية المجلس في تقريره السنوي 2021 التي تؤكد على "ضرورة تسهيل ولوج جمعيات المجتمع المدني وتوسيع الشراكة معها بما يضمن تفعيل دورها في التحسيس بحقوق المحرومين من حريتهم".
وفي معرض حديثها عن خصوصية الشراكة والتعاون بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، التي جعلت من هذه التجربة ممارسة فضلى يعمل المجلس على تقاسمها على المستويين الدولي والإفريقي، ذكرت السيدة بوعياش بأدوار المجلس باعتباره مؤسسة دستورية أوكل إليها المشرع: رصد ومراقبة وتتبع أوضاع حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والجهوي؛ إجراء التحقيقات والتحريات اللازمة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان؛ النظر في جميع حالات انتهاك حقوق الإنسان؛ ثم زيارة أماكن الاعتقال والمؤسسات السجنية ومراقبة أحوال السجناء ومعاملتهم، وكذا مراكز حماية الطفولة وإعادة الإدماج ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والمؤسسات الاستشفائية الخاصة بمعالجة الأمراض العقلية والنفسية وأماكن الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية، إلخ.
وتميزت أشغال الدورة الـ11 للجامعة في السجون، إلى جانب كلمة رئيسة المجلس، بكلمات كل من الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي بإسم الحكومة، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والوالي المنسق الوطني للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، السيد محمد دردوري. وقد أجمع المتدخلون على أهمية مشاركة المجتمع المدني في إعادة إدماج السجناء، ودوره المهم في تمكين المؤسسة السجنية من تعزيز انفتاحها على محيطها الخارجي ومواكبة السجناء ودعمهم النفسي لتجسير الهوة بينهم وبين الفضاء الخارجي درء لحالات العود.