يحتفي رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان في فعاليات الدورة 28 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، من 01 إلى 11 يونيو 2023، بالذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار "30 التزاما كونيا من أجل الكرامة الإنسانية "، لتجديد أولوية حقوق الإنسان وضمان تفعيلها وفعليتها.
وفيما يلي نص افتتاحية السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق لإنسان، التي توثق لهذا التخليد.
"تتزامن هذه الدورة من المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط مع احتفال المجتمع الأممي بالذكرى 75 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
صدر هذا الإعلان سنة 1948 للتأكيد على أهمية "إعادة بناء الأسرة" البشرية، بعد الفظائع التي ترتبت عن الحرب العالمية الثانية. ولتحقيق ذلك، تبنى الإعلان مقاربة دينامية تهدف إلى وضع جملة من المعايير الإلزامية، مع التطلع إلى أن تتجسد هذه المبادئ الحقوقية في دساتير مختلف الدول.
وعلى المستوى القانوني، نجد أن هناك حقوقا منصوص عليها بمقتضى قوانين ومراسيم وأنظمة، من جهة، ومبادئ أساسية يؤطرها هذا القانون، من جهة أخرى. وهي بالضبط الرؤية التي يقترحها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على "الأسرة البشرية".
غير أننا للأسف بعيدون عن تطلعات المؤسسين لهذه الوثيقة. لأن الممارسات ابتعدت عن الآفاق التي حملها الإعلان، بحيث يعيش العالم، على نقيض ذلك، فظاعات (تتوزع بين النزاعات، التغيرات المناخية، الحروب، تفاقم الفوارق، العنصرية والكراهية...) قد يضاهي وقعها وقوتها، في بعض الأحيان، تلك التي فرضت ضرورة صياغة الإعلان نفسه واعتماده في منتصف القرن الماضي.
نود من خلال هذا التخليد، بصفتنا مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان تضطلع، طبقا للفصل 161 من دستور المملكة بمهمة النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، التساؤل عن مدى تقدم إعمال هذا النص المؤسِّس سواء على مستوى الدينامية التي خلقها أو على مستوى واقع تفعيله.
لا يمكن أن ننكر أن هناك دينامية استثنائية قد انطلقت منذ سنة 1948 وتتواصل إلى يومنا هذا، إلا أن هناك تحديات كبرى تواجه القانون الدولي لحقوق الإنسان تفرض اعتماد مجموعة من التدابير على مستوى التنظيم والتنسيق. فعلى سبيل المثال، نجد أن حرية التجارة تتعارض مع الحق في البيئة، كما نجد أن معايير حماية الاستثمار تصطدم مع مبادئ تعزيز تنمية متوازنة، إلخ. إن سبب الفوضى السائدة لا يكمن في عدم وجود قواعد منظمة فحسب، بل أيضا في عدم وجود التقائية بين القوانين الوطنية والدولية.
يعتبر هذا الاحتفال بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان فرصة أيضا لتجديد "الإجماع حول كونية حقوق الإنسان". وتعني الدعوة لتجديد الإجماع حول هذا الإعلان، من جهة، أنه لا يزال يشكل قيمة مهمة ومرجعا معياريا يمكن الاعتماد عليه لتجاوز العديد من العقبات، ومن جهة أخرى، أن الكونية التي تميز حقوق الإنسان غدت محط انتقاد في العديد من السياقات الثقافية والاجتماعية، بل إنها أصبحت هدفا لهجمات تستند إلى مطلب ما يسمى بالخصوصيات، والتي تساهم بشكل مقصود في خلخلة جوهر كونية حقوق الإنسان والتشكيك فيها.
إن عصر العولمة يفرض البحث عن استجابة عالمية تعبئ جميع القوى الحية، الثقافية والمؤسساتية منها، لتكون أكثر فعالية وحاضرة بشكل أفضل لضمان حماية الحقوق وفعليتها.
إننا بحاجة إلى دولة القانون بقدر ما نحن بحاجة إلى دولة اجتماعية، فالحقوق المعلنة (Droits déclaratifs) تكتسي أولوية خاصة، لكن لا يمكن أن تتحقق بشكل كامل إلا إذا تملك المواطنون، من خلال التمرس، القدرات على استخدامها لتحسين وضعهم. وبعبارة أخرى، لن تتحقق فعلية الحقوق إلا إذا اكتسب الرجال والنساء القدرة على تبنيها كآليات ووسائل لتغيير حياتهم الخاصة ولتغيير المجتمع.
طبقا لمهامنا، وعلى غرار الدورات السابقة من المعرض الدولي للنشر والكتاب، سيقدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان هذه السنة أنشطة متنوعة تتضمن: "نقاشات موضوعاتية"، "تقديم إصدارات ومبادرات المجتمع المدني"، بالإضافة إلى "صباحيات مخصصة للأطفال والشباب" من مختلف جهات المملكة، تتمحور حول تخليد الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بهدف تأكيد الإيمان المتجدد بأولوية الحقوق الإنسانية وخلق الظروف لنقاش عمومي حول إعمالها."
السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.