احتفاء باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، يبادر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ابتداء من 10 أكتوبر 2022، بنشر شهادات لعدد من المحكومين بعقوبة الإعدام، بهدف إطلاع الرأي العام على أوضاع هذه الفئة وملامسة بعض القضايا والإشكالات التي تطرحها هذه العقوبة القاتلة من الناحية الحقوقية والإنسانية، وذلك بإعطاء الكلمة للذين يترقبون الموت على أمل أن يتم الحفاظ على حياتهم.
ويثمن المجلس العفو الملكي السامي من عقوبة الإعدام الذي استفاد منه أربعة محكومين بالإعدام، من بينهم سيدة، سيتم تعميم شهاداتهم ضمن مجموع الشهادات التي سيقوم المجلس بنشرها.
يتعلق الأمر بتسع شهادات لعيِّنة (تمثل10% من مجموع المحكومين بالإعدام) تقدم مسارات فردية متباينة من حيث الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وطبيعة الجرائم المقترفة (جرائم الحق العام، الجرائم المرتبطة بالإرهاب، السن، الوضعية العائلية، النوع، الأقدمية، الجنسية) وذلك خلال لقاءات بكل من السجن المركزي بالقنيطرة ومول البركي بآسفي وسجن تولال 2 بمكناس وسجن الجديدة وسجن طنجة 2. والتي أجراها إطاران (عن المجلس وعن اللجنة الجهوية المعنية).
تم تحديد لائحة المحكومين من طرف المجلس وتجاوبت معه المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج التي وفرت كل الشروط اللازمة، بما فيها الأمكنة المخصصة لإجراء اللقاءات، خلال شهر يونيو 2019، بمعزل عن إدارة السجن.
واعتمد الفريق على استبيان نوعي، مع الالتزام بمرونة وتأقلم كبيرين مراعاة لنوعية الإشكاليات المتداولة وللأوضاع النفسية لبعض المخاطبين.
لقد راعينا الحفاظ على الشكل التلقائي وشبه حرفي ( (verbatim) للشهادات والاكتفاء بنقل مضمون هذه الحوارات من الدارجة الى اللغة العربية (باستثناء حالة من الفرنسية إلى العربية لمحكوم من جنسية فرنسية جزائرية).
تمحورت هذه اللقاءات حول المسارات والظروف الاجتماعية والاقتصادية في علاقاتها بالفعل الإجرامي. كما مكنت من طرح إشكالات لها علاقة بشروط المحاكمة العادلة، إشكالية المساعدة القضائية، دور المحامي، دور القاضي، مسألة تتبع ومراجعة القضايا وأهمية مسطرة العفو. وهو التناول الذي يسمح بتقديم وجهة نظر السجناء؛ حقوقهم داخل المعتقل (التطبيب، الدراسة، الإعلام، العمل، الزيارات والعلاقة بالعائلة، الطرود البريدية، الهاتف...)، وظروف إيواء السجناء (الأحياء الخاصة أو ممرات الموت، الزنازين الفردية والجماعية، الإجراءات التأديبية، التنقيل داخل المؤسسات السجنية).
وبينت انطلاقا من بعض الحالات الخاصة أهمية التتبع النفسي لأوضاع المحكومين بالإعدام، بشكل عام، والوقاية من حالات الانتحار، بشكل خاص. كما أظهرت، فيما يخص حالة الأجنبي المحكوم بالإعدام، بعضا من الإشكالات المطروحة (العلاقات القنصلية، المحامون، الاتفاقيات الدولية).
وإذ نقدم خلاصات هذه الشهادات، فإننا نسعى لنقل مشاعر متضاربة لأشخاص بين حكم الإعدام والأمل في الحياة، ليس فقط لإغناء ترافع المجلس من أجل الغاء عقوبة الإعدام قانونا وممارسة بل لتوسيع قاعدة المساندين للإلغاء، لأننا متأكدون أنه ليست هناك أي خصوصية اجتماعية أو ثقافية للمجتمع المغربى لعدم إلغاء عقوبة الاعدام.
يستند المجلس في ترافعه على التأصيل الدستوري للحق في الحياة المنصوص عليه في الفصل 20 وكذا مختلف الالتزامات الدولية لبلادنا في مجال حقوق الإنسان.
ويعتبر المجلس في ترافعه أن عقوبة الإعدام هي واحدة من أخطر الانتهاكات التي تطال الحق في الحياة؛ وهو الحق الذي تنبثق عنه باقي الحقوق والحريات. ويشدد على أن هذه العقوبة غير فعالة في الحد من الجرائم، مهما كانت بشاعتها، وغير رادعة ولن تحل مشاكل الجريمة بأي حال من الأحوال.
وللتذكير، يأتي الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام هذه السنة في إطار ظرفية هامة تتمثل في التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بوقف العمل بعقوبة الإعدام المتوقع إصداره خلال الدورة 77 أواخر سنة 2022.
إن المجلس يطمح، بحلول السنة المقبلة، أي ثلاثون سنة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام بشكل عملي في المملكة المغربية، أن يتم التصويت لصالح القرار الأممي المرتقب شهر دجنبر المقبل في طريق الإلغاء قريبا.