أبرز المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال تقريره السنوي برسم سنة 2020 المعنون ب"كوفيد19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد"، أن إغلاق الفضاء العام ببعديه المكاني (espace public) والسياسي (sphère publique) أدى إلى تعليق شبه كلي لمظاهر الحياة السياسية والثقافية. وكنتيجة مباشرة لهذا الوضع الاستثنائي الفريد، بدا واضحا، منذ الأسابيع الأولى للجائحة، أن هذه الأخيرة ستتحول كذلك إلى إشكالية حقوقية عالمية، نظرا لوقعها الكبير على الاقتصاد، باعتباره مصدر تمويل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. كما قلصت إلى أبعد الحدود إمكانيات الاجتماع والتفاعل الإنساني المباشر، وهي شرط أساسي لممارسة الحقوق المدنية والسياسية والثقافية، فضلا عن تأثيرها البعيد المدى على مستوى تفعيل الاستراتيجيات التنموية في مختلف أنحاء العالم.
وانطلاقا من هذه التحديات المستجدة المرتبطة بجائحة كوفيد 19، فإن هذه الأزمة المتعددة الأبعاد هي أيضا أزمة حقوق الإنسان كما وصفها الأمين العام للأمم المتحدة في أبريل 2020. غير أنها تبقى أزمة استثنائية ومختلفة عن الأزمات الحقوقية التي عرفها العالم المعاصر.
ويتجلى الطابع الاستثنائي لهذه الجائحة في أن الاستجابة لها تفرض تعليق أو تقييد عدد من الحقوق والحريات بفعل إجراءات الإغلاق الشامل والحجر الصحي، مع التمسك بالاسترشاد بمعايير حقوق الانسان واعتبارها أولوية قصوى. وبعبارة أخرى، فإن الاستجابة للجائحة وضعت العالم أمام اختبار غير مسبوق لإيجاد الصيغ الملائمة لتقييد الحقوق والحريات أو تعليقها أو الحد منها في إطار ما تسمح به الصكوك الدولية لحقوق الانسان.
وعلى غرار باقي دول العالم، تأثرت حالة حقوق الإنسان في المغرب خلال سنة 2020 بالآثار السلبية المتعددة لجائحة كوفيد 19. فقد وجدت السلطات العمومية نفسها، من جهة، مطالبة بمواجهة التحديات التي فرضتها الجائحة كأزمة صحية استثنائية لا يمكن تدبيرها وفق ما تقتضيه القوانين والترتيبات المؤسساتية العادية، مما جعل التعامل معها ينطوي على إكراهات كبيرة على مستوى توفير الخدمات الصحية اللازمة وضمان احترام الحقوق والحريات في ظل التدابير الاستثنائية التي رافقت الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية. ومن جهة أخرى، بات من المتوقع أن تؤدي الآثار الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي أفرزتها هذه التدابير الاستثنائية إلى تعميق التفاوتات الاجتماعية والمجالية.