أكدت السيدة آمنة بوعياش أن توسيع الحريات في الفضاء العام، وتعزيز الوعي بالحقوق والوعي بأهمية المطالبة بها تبقى أكبر تحد تواجهه مؤسسات ديموقراطيتنا الناشئة، وأن "حرية التعبير" تبقى السؤال الذي ينبغي أن يجيب عنه مجتمعنا بطريقة منتظمة ومستمرة لتوسيعه.
واعتبرت رئيسة المجلس الوطني في حوار مع جريدة "النهار العربي" اللبنانية، نشر في فاتح يناير 2021، أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت هي الحاضنة لهذا النموذج الناشئ للحريات، وذلك عبر التداول بين أفراد ثم يتسع ليصبح مع مجموعات تتحول إلى فعل عمومي يساءل السلطات والفاعلين. وأضافت السيدة بوعياش أنه "إذا كان التواصل وآليات تعبئته تتأقلم وتتطور بسرعة وبشكل متسارع، إلا أن الترسانة القانونية الحالية لا يمكنها أن تؤطر هذه الممارسات الناشئة في مجال الحريات، بما يعزز الحقوق ويضمن ممارسة الحريات".
وسجلت أنه "في ظل هذا الزخم، تُطرح إشكاليات بعواقب وممارسات غير مسبوقة وخطيرة تمس بكرامة النساء والرجال وتقوّض الحقوق والحريات، أبرزها الانتشار الهائل للأخبار الزائفة والتضليل وخطاب الكراهية والعنف الرقمي".
وفي جوابها عن سؤال حول القضية الإنسانية التي تؤثر فيها أكثر وتحمل لواء الدفاع عنها في كل وقت وحين، شددت السيدة بوعياش على أن عقوبة الإعدام تعد أبشع انتهاك لحقوق الإنسان، "لأنّ الحياة هي الحق الأصيل والمطلق والذي عليه ترتكز الحقوق الأخرى". مسجلة بمرارة أن "من وحشية الإعدام ينبعث الألم والحزن"، وأن هناك شهادات لضحايا هذه العقوبة غير الإنسانية انبثقت منها حقائق حزينة كان سيذهب ضحيتها إنسان لم يرتكب أي جرم. "إنها شهادات ملهمة لمتابعة النضالات ولإلغاء عقوبة" تضيف السيدة بوعياش.
وجوابا عن سؤال حول بناء دولة الحق والقانون في المغرب، أكدت بوعياش أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعمل ويترافع "ليُدمِج القانونُ ويلائِمَ مقتضياتِه مع معايير حقوق الإنسان من أجل توسيع ضمانات حقوق الإنسان قانونياً". وذكَّرت في هذا السياق بالمساهمة التي تقدم بها المجلس من خلال مذكرته حول النموذج التنموي الجديد، والتي "تضع المواطنين في قلب دينامية مبتكرة ومثمرة تقود إلى تعاقد اجتماعي يقوم على ثلاثة مبادئ أساسية في دولة الحق والقانون، تتوخى تعزيز الحريات بما لا يخل بالمساواة والعدالة، واحترام سيادة القانون وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وأخيراً، ترسيخ قواعد الحكم الجيد، باعتبارها مرتكزاً لتعزيز فعلية الحقوق والنهوض بالتنمية الإنسانية المندمجة، وضمان الإنصاف والعدالة والاستدامة بالاستناد الى الحقوق لا الى الحاجات".
وذكرت في هذا الإطار بأن المجلس يطمح لأن يكون الضمير الحي لدولة الحق والقانون، من خلال "السعي إلى أفق حقوقي جديد، عنوانه فعلية حقوق الإنسان والحريات، وأساسه الالتزام الأخلاقي والمسؤولية القانونية، ومحركه فعل يومي لدعم الضحايا والوقاية من انتهاكات حقوق الإنسان".
كما تطرقت رئيسة المجلس لموضوع المناصفة في المغرب، مشيرة إلى أنها أصبحت مبدأ دستوريا منذ 2011 وهدفا استراتيجيا للفاعلين من أجل إعماله في المجالات السياسية وغيرها، رغم أن ما تحقق حتى اليوم يبقى دون مستوى هذا المبدأ الدستوري. وعبرت بوعياش عن أملها في أن تسفر نتائج الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021 عن "نتائج ترقى إلى طموحات الفاعل الحقوقي والحركة النسائية وتحقيق قفزة نوعية لتحقيق مبدأ المناصفة".
ودائما في سياق ما جاء به دستور 2011 من ضمانات لحماية حقوق الإنسان، ذكّرت بوعياش بأن ما يميز الدستور المغربي "أنه استفاض في وضع ضمانات حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وممارستها، بشكل صريح ومفصل، في أكثر من 60 فصلاً... ونص على الحريات والحقوق ضمن ثلاثة مستويات: حقوق تم تأكيدها، وأخرى لا يمس بها، وثالثة تجرّم انتهاك الحريات والحقوق"، كما أنه "وضع أسساً قوية لبناء دولة الحق والقانون وفتح آفاقاً حقوقية وديمقراطية واسعة".