أكدت السيدة آمنة بوعياش أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يصبو إلى بلورة برنامج طموح للقطع مع "نظام الوكالة" بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة والاستعاضة عنه ب"نظام للمساعدة" لضمان تمتع هذه الفئة بالأهلية القانونية وتمكينها من حق اتخاذ قرارات تحترم استقلاليتها وحقوقها وإرادتها في جميع مجالات الحياة.
وأضافت رئيسة المجلس في كلمتها بمناسبة افتتاح ندوة علمية عن بُعد، نظمها المجلس، مساء الخميس 17 دجنبر 2020، بأن "الدستور المغربي نص في ديباجته على منع كل أشكال التمييز، بما فيها الانتماء الاجتماعي أو الإعاقة أو وضع شخصي، وأقر وبشكل واضح على مبدأ المساواة بين الأشخاص ذوي الإعاقة مع الآخرين في جميع مناحي الحياة، ... غير أن القوانين الوطنية الجاري بها العمل في مجال الإعتراف بالأهلية القانونية الكاملة للأشخاص في وضعية إعاقة ما زالت تنازع بين أهلية الوجوب وأهلية الأداء بالرغم من تأكيد الدستور على هذا المبدأ، فضلا على أنها لا تتلاءم مع مقتضيات الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، خاصة منها المادة 12".
وعن اختيار المادة 12 من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة موضوعا لهذه الندوة العلمية، أبرزت رئيسة المجلس بأنه نابع من كونها المادة التي تؤسس للمجال القانوني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي للأشخاص في وضعية إعاقة، وأنها مقرونة بسوء فهم عام للنطاق الدقيق للالتزامات الدول الأطراف بموجبها“. مسجلة أن اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة قد جددت في ملاحظاتها الختامية بخصوص المادة 12، أنه يجب على الدول الأطراف المعنية أن تعيد النظر في ”القوانين التي تسمح بالوصاية، وأن تتخذ إجراءات لوضع قوانين وسياسات للاستعاضة عن نظام ”الوكالة“ في اتخاذ القرار بنظام “المساعدة في اتخاذ القرار يراعي استقلالية الأشخاص ذوي اإلعاقة ورغباهتم وأفضلياهتم“.
ولم يفت رئيسة المجلس خلال هذا اللقاء التذكير بالعمل الذي تضطلع به الآلية الوطنية لحماية الأشخاص في وضعية إعاقة والذي ينبني على جانبين اثنين: الحماية، من خلال الانكباب على التشريعات وآليات المساعدة والمرافعة، ثم النهوض من أجل تغيير الصور النمطية التي تتأسس عليها المقتضيات القانونية. وقد أعلنت، في هذا السياق، أن المجلس يعتزم إطلاق حملة رقمية لمناهضة التمييز المضاعف والمركب في حق النساء والفتيات في وضعية إعاقة.
تميز هذا اللقاء، الذي شكل فرصة لتبادل الخبرات والاطلاع على تجارب دولية في المجال، بمشاركة مجموعة من الخبراء الوطنيين والدوليين من بينهم السيدة كاثرين بيدريروس، ممثلة المفوضية السامية لحقوق الإنسان، السيدة ماري لويز أبومو، مفوضة فريق العمل المعني بحقوق كبار السن وذوي الإعاقة باللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، السيد مهند العزة، الأمين العام للمجلس الأعلى للإعاقة من عمان، السيدة زهور الحر، منسقة الآلية الوطنية الخاصة بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، السيدة سمية العمراني، العضو المنتخب حديثا باللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورئيسة تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد، الخ.
وقد دعا المشاركون إلى اعتماد منظومة واضحة وعملية لترسيخ نموذج المساعدة على اتخاذ القرار عوض الوصاية والوكالة والإنابة، من خلال اعتماد مقاربة تشريعية تعتمد بالأساس على نظام يرفع العوائق والعوارض التي تحول دون تمتع الأشخاص في وضعية إعاقة بأهليتهم القانونية، على غرار أغلب التشريعات في أوربا وأمريكا اللاتينية التي تسير في خط تصاعدي سعيا للملاءمة مع الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي إعاقة. ومن جهة أخرى، نبه المشاركون إلى ضرورة الحرص على تدقيق المفاهيم والتعاريف ذات الصلة بموضوع الإعاقة التي تكون في غالبيتها فضفاضة ومبهمة وتفتح الباب لأكثر من تأويل.