أطلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بمبادرة من لجنته الدائمة لتقييم وتتبع السياسات العمومية وملاءمة التشريعات، برنامج ورشات تعزيز قدرات المكلفين بتتبع وتقييم السياسات العمومية في مجال بناء مؤشرات قياس فعلية حقوق الإنسان، سواء على المستوى الوطني من خلال اللجنة الدائمة، أو على مستوى اللجن الجهوية لحقوق الإنسان، التي أحدثت لديها مؤخرا لجنة تقييم وتتبع السياسات العمومية.
وفي كلمتها الافتتاحية خلال هذه الورشة الأولى، المنظمة في 20 أبريل 2021، أبرزت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن "تقييم وتتبع السياسات العمومية يندرج ضمن استراتيجية المجلس القائمة على فعلية الحقوق. هذه الفعلية التي لا تقتصر على مساءلة التشريعات حول مدى حمايتها وضمانها لحقوق الإنسان، بل تمتد إلى ما هو غير قانوني فيما يخص ضمان حقوق الإنسان للمواطنين والمواطنات"، مسجلة أن هدف المجلس من إطلاق هذا البرنامج هو "قياس مدى تمتع المواطنين بحقوقهم دون تجزيء من خلال تحديد مجموعة من المؤشرات ذات الصلة".
وأضافت رئيسة المجلس أن "مؤشرات حقوق الإنسان تعتبر آلية ضرورية لقياس مدى تنفيذ وإعمال الدول لالتزاماتها بمعايير حقوق الإنسان القادرة على دعم تطوير السياسات العمومية وتقييمها وضمان الشفافية"، وأكدت أن المجلس يصبو بمعية شركائه إلى "بلورة التساؤلات الضرورية التي يتعين على عضو المجلس المكلف بتقييم السياسات العمومية أن يطرحها لصياغة ملاحظات وتوصيات المجلس حول مدى فعلية الحقوق في السياسات العمومية وإعمال مقاربة حقوق الإنسان في تنفيذ المشاريع وبرامج التنمية".
من جانبه، استعرض الخبير في السياسات العمومية البريطاني طود لاندمان، أنواع المقاربات المعتمدة في قياس فعلية حقوق الإنسان، وحددها في خمس مقاربات: المقاربة المبنية على الوقائع، الاتفاقيات والمعايير الدولية، استطلاعات الرأي، المقاربة المبنية على معطيات الإدارة، ثم الأشكال الجديدة للتعبير التي ظهرت مع وسائط التواصل الاجتماعي.
كما تطرق الخبير البريطاني إلى التحديات التي تواجهها مسألة تحديد المضامين التي يمكن أن تكون موضوع قياس داخل منظومة حقوق الإنسان والمستويات الأربعة الضرورية في عملية إعداد أي حزمة مؤشرات والمتعلقة أساسا ب: الخلفية المفاهيمية، خلق منظومة مفاهيمية، المستوى الإجرائي المرتبط بالمؤشرات بمعناها الدقيق، ثم نتائج تفعيل هذه المؤشرات في الواقع حول حق بعينه.
هذا وسلط الأساتذة الجامعيين أحمد البوز وجواد النوحي وزكرياء فيرانو وعبد الخالق التهامي والكبيرة صوفي مجموعة من المحاور تهم أساسا: الإشكاليات المفاهيمية المرتبطة بتقييم السياسات العمومية في ضوء حقوق الإنسان، تقاطع حقل السياسات العمومية مع منظومة حقوق الإنسان، طرق وآليات تقييم السياسات العمومية من منظور حقوق الإنسان وإمكانية إخضاع حقوق الإنسان للمؤشرات والضوابط، إلخ.
كما ركز أعضاء اللجن الجهوية لحقوق الإنسان في مداخلاتهم على أهمية أخذ خصوصية كل جهة بعين الاعتبار أثناء عملية بناء المؤشرات مع ضرورة التمييز بين المؤشرات الوطنية والجهوية وأهمية وضع دليل يتضمن مؤشرات قياس وتتبع السياسات العمومية على مستوى الجهات مع مراعاة معطيات وخصوصية كل جهة على حدة.