نشر في

عقد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يومه السبت 21 شتنبر 2019 بمقره المركزي بالرباط، الجلسة الافتتاحية للدورة العادية الأولى لجمعيته العامة.

وقد أكدت السيدة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في كلمتها الافتتاحية، بعد الترحيب بالأعضاء الجدد للمجلس، ب"أننا نطلق مرحلة تأسيسية حاسمة بجدول أعمال مكثف، ونتطلع صادقين إلى أن تحدث منهجية التأسيس، كما سنقدمها ونساهم فيها جميعا، منعطفا نوعيا، داعما لاستراتيجية عملنا، منهجية تعتمد على مفهوم فعلية حقوق الإنسان أي على ترجمة مبادئ حقوق الإنسان وقيمها إلى واقع عملي".

ph_1_5

وفي ما يلي النص الكامل لكلمة رئيسة المجلس:

"أود أولا أن أهنئكم مجددا في افتتاح الدورة الأولى للجمعية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان على التعيين، الذي حظيتم به من قبل صاحب الجلالة، وأن أرحب بكم مجددا في رحاب بيتكم الحقوقي.
وأعتز اليوم باقتسام هذه اللحظة سياسية وحقوقية متميزة، مع شخصيات تمثل التعددية الفكرية والاجتماعية والتنوع الثقافي والتعدد اللغوي والمجالي ومع كفاءات ستعزز بكل تأكيد الفعل الحقوقي المؤسساتي في بلادنا.

واسمحوا لي أن ألقي كلمة بالفرنسية للترحيب بضيفتنا والوفد المرافق لها باللغة الفرنسية: 

J’aimerais donc réitérer la bienvenue à Madame Sorayata ,présidente de la commission Africaine des droits de l’Homme et des peuples, et la remercier de nous avoir honoré de sa présence et de l’intérêt qu’elle porte à notre pays le Royaume du  Maroc. , ainsi que la délégation qui l’accompagne, Mr Remy Ngou, commissaire auprès de la commission chargé des défenseurs des droits de l’homme,  Mme Anna Foster, Présidente de l’Institut  Africain pour la démocratie et droits de l’homme et Mr MabassaFall, membre de son comité directeur
J’aimerai aussi la féliciter pour son action et son engagement au service des droits de L’homme en Afrique et au niveau international, où elle a su donner une meilleure visibilité à notre continent et porter sa vision.
Je tiens à profiter de cette occasion pour rappeler que le CNDH est engagé pour la promotion de la charte africaine des droits de L’homme car notre pays la considère non pas comme un simple document mais plutôt le contrat qui réunit tous les peuples africains dans des liens d’amitié de solidarité et de respect mutuel;
A cet égards, nous enregistrons avec satisfaction les déclarationset l’engagement du ministre des affaires étrangères du royaume du Maroc quant à la ratification de cette charte, laquelle a amené le CNDH et Mme la présidente de la commission africaine des droits de l’homme et des peuple à joindre leurs efforts, auprès du parlement et des institutions. Car avec eux, on   initiera une dynamique de la société civile marocaine, qui est déjà active au forum des ONG a Banjul avec nos frères et sœurs de l’Institut africain pour la démocratie et droits de l’homme,
A cet occasion, je tiens à saluer l’action de   Mr Remy Ngoy commissaire chargé des défenseurs des droits de l’homme auprès de la commission africain pour son soutien aux activistes, ainsique  MabassaFall  et Anna foster qui portent la voix des Ong auprès de la commission . J’invite donc Mesdames et Messieurs les membres de l’Assemblée Générale à se joindre à moi pour rendre hommage à Mme MaigaSorayatapour son engagement et son action en faveur des droits de l’homme dans notre continent l’AFRIQUE, en lui souhaitant nos meilleurs vœux du succès pour les prochaines actions.

السيدات والسادة،
وبعد لقائنا بالأمس حول تقديم ولاية المجلس بما فيها آليات التسيير والتدبير، والقضايا المهيكلة لتدخله، بهدف تقريب أعضاء الجمعية العامة مما نقوم به...فإننا اليوم نفتح أفقا جديدا بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، جديدامن حيث نمط اختيار الأعضاء، جديدامن حيث ما يوكله القانون إلى المجلس من اختصاصات أوسع و ما يطرحه عليه من تحديات كبرى ومتجددة، جديدا كذلك بالنظر إلى مستجدات وأدوات تسيير مالي وإداري ومحاسبتي خاضع للمراقبة من المؤسسات التشريعية والدستورية.

نطلق إذن مرحلة تأسيسية حاسمة بجدول أعمال مكثف، ونتطلع صادقين إلى أن تحدث منهجية التأسيس،كما سنقدمها ونساهم فيها جميعا، منعطفا نوعيا، داعما لاستراتيجية عملنا، منهجية تعتمد على مفهوم فعلية حقوق الإنسان أي على ترجمة مبادئ حقوق الإنسان وقيمها إلى واقع عملي.

لقد جاء اعتماد فعلية الحقوق  effectivité de droit بناءا على اختيار استراتيجي واع لذاته ولغايته، ففعلية الحقوق والحريات لايقتصر على مساءلة القوانين وتقييم قدرتها على تغيير الواقع وتيسير ولوج المواطنين إلى الحقوق والحريات الأساسية وحسب، بل أن يولي كذلك العوامل الغير القانونية extra juridique وخاصة منها العوامل المرتبطة بالشروط السوسيو اقتصادية والثقافية والبيئية المتعلقة بخلق الثروة وتوزيعها.

فالأمر يتعلق، والحق يقال، بمسؤولية مشتركة في إعمال مقاربتنا الخليقة بمؤسستنا الوطنية هذه، والتي تتوخى الانكباب على قضايا حقوق الإنسان ودراستها ومعالجتها، ضمن مقاربة قائمة أساسا على استقلالية الرأي، المهنية والموضوعية في تكييف الانتهاكات والحياد والنزاهة في التعبير عن المواقف،مع التزام واجب التحفظ والحفاظ على السر المهني، وللإشارة، فإن هذه القواعد وهو بين ما يتضمنه ميثاق أخلاقيات المجلس، الملحق بمشروع النظام الداخلي.

حضرات السيدات والسادة،
سبع سنوات إذن، بعد تصويت المغاربة على دستورهم، الذي ارتقى بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى مؤسسة دستورية، تم اعتماد القانون الجديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان من قبل البرلمان في فبراير 2018، قانون منح للمؤسسة صلاحيات جديدة ووسع مجال اشتغالها وأحدث لديها آليات وطنية.

إن التحدي الرئيسي، الذي يجب أن يرفعه المجلس، يقع في قلب التحديات التي تواجه بلادنا،في مجال تفعيل الديمقراطية ودولة القانون، ويتجلى في إحداث آليات فعالة تتفاعل مع جميع المتدخلين،بما تتيح إعمال الحقوق وتجسيدها على أرض الواقع بحيث ينعكس تفعيلها على حياة كل مواطنة ومواطن.

إن ضمان هذه الفعلية يحتم علينا العمل، بشكل موازي ومتوازن، على ملاءمة القوانين مع المقتضيات الدستورية والاتفاقيات الدولية، بما يؤمن فعلية الحقوق بالمجال العام كما هو الشأن بالنسبة لتدبير الحق في التظاهر مثلا، وفي المجال الخاص، عندما يتعلق الأمر مثلا بالحريات الفردية وما يتصل بها.

إن الأمر يحتاج بالضرورة إلى التأكيد، من جديد وفي كل حين، على أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، فليست هناك حقوق فردية وأخرى جماعية، بل هناك حقوق الإنسان وحسب.

والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره مؤسسة مستقلة ذات ولاية شاملة في مجال حقوق الإنسان ببلدنا، مدعو الأداء دور كبير ومحوري في البحث عن الحلول المبتكرة لقضايا المجتمع المغربي.

إننا نؤكد على الدور الكبير والمحوري للمجلس، لأن الفجوة بين الجهود المبذولة والنتائج الملموسة لا تزال كبيرة، وأسبابها متعددة ومتنوعة، لكن من الواضح أن ضعف التفاعل والتواصل والتنسيق بين مختلف المتدخلين أدى إلى تدبير غير متماسك وغير متناغم وغير فعال.

وإن كانت التعددية المؤسساتية، الترجمة الحقيقية لمبدأ فصل السلط، سمة من سمات أي ديمقراطية،-ونلمس اليوم أنها تنعكس في تركيبة هذه الجمعية العامة-، فإن غياب تقارب الرؤى وتضافرها وتكاملها أدى إلى بعثرة الجهود التنموية لبلادنا، ‏فبقيت ثمارها محدودة الأثر في حياة ‏المواطنات والمواطنين.

ما هي إذن الآليات التي نعتزم إحداثها من أجل إعمال حقوق المواطنات والمواطنين، كما هو منصوص على ذلك في الوثيقة الدستورية والمعاهدات الدولية التي يعد المغرب طرفا فيها؟

أيها السيدات والسيادة،

بإشراف الجمعية العامة اليوم، على إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، التي نعرف جيدا مدى أهميتها بالنسبة للفعل الحقوقي المؤسساتي وفعلية الحقوق، والتي لن تعمل فقط على حماية ضحايا التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة فحسب، بل أيضا على حماية هوية وسلامة المبلغين عنها.

إننا بذلك ندخل منظومة تحتكم إلى قواعد ومساطر واضحة، تقاس بها ادعاءات التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة، وتترتب عليها التزامات تعاقدية تساءلنا نحن ومختلف المتدخلين، وتأسيسا على التراكمات والبرامج، التي عملت طوال سنوات على النهوض بحقوق الأطفال، فإننا نحدث اليوم كذلك، الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا الانتهاكات، باعتبار مصلحتهم الفضلى وآرائهم وفقا لسنهم ونضجهم.

وبنفس الالتزام نضع آلية حماية الأشخاص في وضعية إعاقة، وفق مقاربة تؤهلهم للاندماج في مجتمع يعرف تحولات متسارعة،بات فيها مبدأ المساواة هو التحدي الأكبر.

وبالفعل، فإن المساواة، سواء مساواة النوع، أو المساواة أمام القانون أو المساواة في تكافؤ الفرص... يجب أن تكون حجر الزاوية الذي يقوم عليه قياس مؤشرات الولوج الفعلي للتنمية الإنسانية ونعمها، والذي يهدف إلى تكريس عدالة حقيقية، سواء كانت فردية أم اجتماعية أم مجالية.

السيدات والسادة أعضاء الجمعية العامة،
يعتزم المجلس الوطني لحقوق الإنسان المساهمة بفعالية في هذا النقاش والدفاع، كما أعلنت عن ذلك في 12 يوليوز، عن مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المجالية لكل منطقة وتضع المواطنات والمواطنين في قلب دينامية مبتكرة ومثمرة تقود إلى تعاقد اجتماعي جديد؛ يعتمد مبادئ توجيهية ثلاثة:

1) تعزيز الحريات بما لا يخل بالمساواة والعدالة، سواء كان ذلك في مجال الاستثمار، أو النقاش أو الرأي، أو تقديم الملتمسات أو تأسيس الجمعيات أوالانتماء إليها؛
2) احترام سيادة القانون، وتعزيز بالتالي ثقافة حقوق الإنسان؛
3) ترسيخ قواعد الحكامة الجيدة، باعتبارها مرتكز لتعزيز فعلية الحقوق والنهوض بالتنمية الإنسانية المندمجة،وضمانة للإنصاف والعدالة والاستدامة ولكونها تستند على الحقوق لا على الحاجيات.

السيدات والسادة،

بعد المجهودات والأوراش المهيكلة الكبرى التي عرفتها بلادنا طيلة العشرين سنة الماضية، حان الوقت الآن لتغيير المحددات، بوضع المواطن بكينونته ومتطلبات صون كرامته واعتزازه بذاته في قلب هندسة السياسات العموميةلتضييق الفجوة بين الفئات المجتمعية والوحدات المجالية.

لذلك سيعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لا سيما من خلال لجانه الجهوية لحقوق الإنسان على تعزيز العمل مع المواطنات والمواطنين وتوفير فضاء لهم لممارسة حقوقهم، فمهامنا المتعلقة بالوقاية من الانتهاكات وحماية حقوق الإنسان والنهوض بها تملي علينا من دون شك العمل بكل مسؤولية،وبشكل يراعي التنوع الذي تنعم به بلادنا والسياق الفريد الذي يميزه، مع الوعي التام بمتطلبات توطيد دولة والقانون.

إننا، نسعى إلى أفق حقوقي جديد، أساسه التزام أخلاقي ومسؤولية قانونية ومحركه فعل يومي لدعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان...  بكلمة، نسعى إلى وبأن يكون المجلس ضمير دولة الحق والقانون.
وإني على ثقة – السيدات والسادة أعضاء الجمعية العمومية – أنكم، بما هو مشهود لكم به من صدق ووطنية وكفاءة، ستكونون خير داعم لطموحنا المشترك هذا."

اقرأ المزيد