"إن العمل الميداني القائم على رصد مختلف الإشكالات والعوائق والتحديات التي تواجه فعلية الحقوق ببلادنا، خلقت لدينا قناعة كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان أن العدالة المجالية توفر إطارا مؤسساتيا يمكن أن يشكل مدخلا للتعاطي مع إشكالية التفاوتات".
جاء ذلك بمناسبة افتتاح رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، لأشغال الحلقة الثانية من سلسلة أكورا حقوق الإنسان، التي نظمت بمقر المجلس يومه الثلاثاء 31 أكتوبر 2023، والتي تناولت بالنقاش موضوع "العدالة المجالية كرافعة للتنمية الإنسانية وتعزيز القدرة على الصمود".
وأضافت السيدة بوعياش أن المجلس يعتبر العدالة المجالية أيضا مدخلا "لتعزيز التناسق الأفقي بين الرؤى والاستراتيجيات الكبرى المهيكلة للسياسات العمومية وتحديد الأولويات بدقة أكبر وتقوية قدرة الفاعلين على التكيف والصمود".
وسجل المجلس بإيجابية الإعلان عن إطلاق مشروع الدعم الاجتماعي المباشر انطلاقا من 31 دجنبر من السنة الجارية، كما يؤكد على هذا التكامل لإعطاء زخم قوي لجهود الدولة في مجال النهوض بالأوضاع المعيشية للفئات الهشة (النساء، الأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة)، خاصة على ضوء العلاقة التكاملية بين تفعيل الدعم الاجتماعي المباشر وتعميم التغطية الصحية.
وفي معرض تذكيرها بالآثار العميقة للزلزال، أوضحت رئيسة المجلس بأن الكارثة وفرت لبلادنا فرصا متجددة ومبتكرة في مجال تعزيز الصمود والتكيف واليقظة، تجلت في مستويات التضامن غير المسبوقة التي عبر عنها المغاربة بجميع مكوناتهم وقدرة الدولة على التعاطي مع الآثار الناجمة عن الزلزال والانتقال الفوري والمنظم إلى عمليات الإنقاذ والإسكان والدعم والمواكبة.
مضيفة أن الكارثة أبرزت كذلك حجم التفاوتات المجالية في بلادنا، وبينت حجم الخصاص الذي تعاني منه المناطق التي ضربها الزلزال، سواء على مستوى البنية التحية أو على مستوى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والمرافق الإدارية.
و في نفس السياق، أكدت السيدة بوعياش أن منظور المجلس للعدالة المجالية، "لا يقوم على فهم العدالة المجالية باعتبارها عدالة بين المجالات كـأماكن بالمعنى الجغرافي، بل إنها تحيل على البعد المجالي للعدالة بين المواطنين، وهي بذلك مكمل للعدالة الاجتماعية وبمثابة الأساس الذي تقوم عليه المقاربة القائمة على حقوق الإنسان في بناء وهندسة السياسات العمومية ومعيارا لتقييمها في الوقت ذاته".
وتميز اللقاء الذي سير أشغاله الأمين العام للمجلس، السيد منير بنصالح، بمشاركة باحثين وخبراء اقتصاديين وسوسيولوجيين ومختصين في قضايا التعليم والبيئة والمناخ وفاعلين مدنيين وممثلين لقطاعات حكومية ومختصين في مجال حقوق الإنسان... الذين استعرضوا تصوراتهم حول دور العدالة الاجتماعية في تحقيق التنمية الإنسانية من منظور حقوق الإنسان كما قدموا توصيات ومقترحات تصب في اتجاه النهوض بالعدالة المجالية والتنمية الإنسانية وتعزيز القدرة على الصمود أمام المخاطر.