يعتبر الحق في الولوج إلى العدالة حقا دستوريا أقره دستور 2011 في الفصل 118  "حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون"، وهو الحق الذي يتضمن في طياته حمولة حقوقية تنظر إلى المواطنين على قدم المساواة من أجل ضمان ممتلكاتهم وحقوقهم باعتبارهم ينتمون إلى دولة يحكمها القانون بمنطق ثنائية الحق و الواجب، وهو ما يجعل الولوج إلى العدالة أمرا مضمونا كلما توفرت الشروط الضرورية للتمتع بهذا الحق.

ويستقي الحق في الولوج إلى العدالة أسسه من منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها على المستوى الدولي.  ويكتسي القضاء أهمية قصوى بالنسبة لحقوق الإنسان. فهو نفسه حق من حقوق الإنسان كما تنص على ذلك المواثيق الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادتيه 8 (لكل شخص الحق في اللجوء الى المحاكم...) و7 (الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز)، وهو في الوقت نفسه الضامن الأساسي لحماية حقوق الإنسان الأخرى من الانتهاك.

وفي هذا السياق، يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال تقاريره إلى ملاءمة التشريعات الوطنية، في جانبها المتعلق بالحق في الولوج إلى العدالة وفي المحاكمة العادلة، مع الحقوق والضمانات التي كرسها الدستور الجديد وأيضا مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة بالموضوع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وكذا دعوة القضاء إلى الاجتهاد لتكريس تطبيق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي صادق عليها المغرب وإعمال مبدأ سمو هذه المعايير على القوانين الوطنية تفعيلا لما جاء في تصدير الدستور.

كما أنجز المجلس دراسة حول الولوج إلى العدالة من طرف الأجانب بالمغرب تهدف إلى تشخيص وتوثيق وضعية الأجانب بالمغرب في علاقتها بالحق في الولوج إلى العدالة وتقديم المقترحات الممكنة لتحسين الحق في ولوج هذه الفئة إلى العدالة، وفق ما تقتضيه الوثيقة الدستورية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وبخصوص حقوق الأشخاص المحرومين من حريتهم، توفر "قواعد مانديلا" مبادئ توجيهية مفصلة لحماية حقوق هذه الفئة، سواء المحتجزين في إطار الحراسة النظرية أو السجناء المحكوم عليهم.

وتستند القواعد إلى الالتزام بمعاملة جميع السجناء باحترام كرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر، وحظر التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، كما أنها توفر إرشادات مفصلة حول مجموعة واسعة من القضايا التي تتراوح من التدابير التأديبية إلى الخدمات الطبية. على سبيل المثال، فإنها تحظر الحد من طعام أو ماء السجين، وكذلك استخدام أدوات ضبط النفس التي تكون مهينة أو مؤلمة بطبيعتها، مثل السلاسل أو الحديد.

وفي إطار المهام الموكولة للمجلس والمتعلقة برصد الأوضاع بالمؤسسات السجنية وحماية حقوق النزلاء، يسهر المجلس على حماية هذه الفئة من خلال الزيارات التي يقوم بها وكذا عبر معالجة الشكايات التي يتوصل بها من طرف السجناء أو ذويهم. 

ويدعو المجلس في تقاريره إلى اتخاذ تدابير عاجلة للتقليص من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، نظرا لتأثيرها السلبي على تمتع الساكنة السجنية بحقوقها، وذلك عن طريق ترشيد الاعتقال الاحتياطي ومراجعة مسطرة العفو والتسريع باعتماد عقوبات بديلة؛ اتخاذ تدابير خاصة لحماية الفئات الهشة داخل المؤسسات السجنية (الأشخاص في وضعية إعاقة والمصابين بأمراض خطيرة والأمراض العقلية والنفسية، إلخ).

كما يثمن المجلس مصادقة المجلس الحكومي على المبادرة التي تهدف إلى تعزيز حقوق الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم والتكفل بهم، من خلال نظام تغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية وكيفيات تقديم الوجبات الغذائية. وتأتي هذه المصادقة تفعيلا للتوصيات الصادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان.