نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، بشراكة مع هيئة المحامين بتطوان، ندوة حول موضوع "حق الطفل في النسب بين الواقع الاجتماعي والقانوني والمواثيق الدولية"، يوم الجمعة 09 يوليوز 2021 بمحكمة الاستئناف بتطوان.
وتندرج هذه الندوة في إطار اختصاصات اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان ذات الصلة بحماية حقوق الطفل والنهوض بها والعمل على ملاءمة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، خاصة مقتضيات مدونة الأسرة مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، التي تنص في مادتها 7 على حق الطفل في الحصول على اسم منذ ولادته ومعرفة والديه. كما يتزامن موعد الندوة مع سياق النقاش العمومي الذي أثاره قرار محكمة النقض بالرباط بتاريخ 29 شتنبر 2020 في القضية المتعلقة بإثبات البنوة اعتمادا على الخبرة الجينية.
وفي كلمتها الافتتاحية، أكدت السيدة سلمى الطود، رئيسة اللجنة، أن "الإشكاليات المرتبطة بحق الطفل في النسب تشكل إحدى المعيقات الأساسية لتحقيق التنمية بالمغرب" مشيرة أن "هذا الحق مازال منتهكا لدى فئة عريضة من الأطفال بالرغم منكونه يكرس حق الطفل في الهوية والوجود والاعتبار".
وذكرت السيدة الطود بأن "الملاحظات الختامية لآلية الاستعراض الدوري الشامل أوصت المغرب بإعمال مبدأ عدم التمييز بين أطفاله"، مضيفة أن "اللجنة المعنية بحقوق الطفل، في ملاحظاتها الموجهة للمغرب، أعربت عن قلقها ايزاء التمييز القانوني والفعلي في حق الفتيات والفتيان المولودين خارج مؤسسة الزواج، في مجالات الأحوال الشخصية من قبيل: الاسم والعائلة والنسب والميراث".
من جهته، أعرب السيد نقيب هيئة المحامين بتطوان الأستاذ المرتضى درجاج عن اعتزازه بالشراكة مع اللجنة الجهوية لمواصلة العمل المشترك في الدفاع عن حقوق المواطنين. وأكد على أهمية موضوع الندوة التي تنضاف الى البرنامج الثقافي والاشعاعي للهيئة.
وشكلت الندوة مناسبة للنقاش والتفكير في الحلول الممكنة والواقعية للإشكالات القانونية للأطفال المولودين خارج مؤسسة الزواج، وذلك استنادا إلى المصلحة الفضلى للطفل واستحضارا لمبدأ المساواة بين الجنسين وانسجاما مع توصيات تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان لسنة 2019، الذي أوصى بحماية حق الطفل في النسب بغض النظر عن الوضعية العائلية لوالديه.
كما شكلت هذه الندوة، التي تميزت بمشاركة خبراء وباحثين وقضاة ومحامين وممثلين غن المؤسسات المعنية بالطفولة والمجلس العلمي والجمعيات الفاعلة في المجال، مناسبة لمقاربة الموضوع وتحليله من زوايا حقوقية وقانونية وسوسيولوجية ودينية، حيث تناول الأستاذ عبد النور الحضري، رئيس غرفة بمحكمة الاستئناف بتطوان، مداخلة بعنوان "حق الطفل في النسب بين مدونة الأسرة والعمل القضائي"، فيما تناولت الأستاذة نادية حرفي، باحثة في سوسيولوجيا النوع، مداخلة بعنوان "سؤال الهوية وعنف التمثلات بالنسبة للأطفال بدون نسب".
ومن جهته، قدم السيد أنس سعدون، قاض ومكلف بمهمة بديوان رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مداخلة تمحورت حول موضوع "قضايا النسب والبنوة في ضوء الاجتهاد القضائي، أي مجال لاستحضار المصلحة الفضلى للطفل؟". من جانبه تطرق الدكتور محمد كنون الحسني، عضو اللجنة الجهوية ورئيس المجلس العلمي المحلي بطنجة، إلى موضوع "حقوق الطفل في الإسلام: الحق في النسب نموذجا"، وفي مداخلة أخيرة أثارت الأستاذة نجاة الشنتوف، محامية وعضو باللجنة الجهوية، موضوع "الحق في النسب: أية تقاطعات بين مرجعية النص الدستوري والقانوني".
ومساهمة منهم في النقاش والتفكير حول الحلول الممكنة والواقعية لهذه الإشكالية، أجمع المشاركون على أن مدونة الأسرة مازالت تحمل قصورا وتناقضات تقر التمييز بين البنوة والنسب والتمييز في المسؤوليات بخصوص البنوة بين الأب والأم، مؤكدين أن الوضع القانوني للأطفال المولودين خارج مؤسسة الزواج يحول دون تمتعهم بحقوقهم في الإسم والنفقة والرعاية والميراث. وفي ذات السياق، أوصى المشاركون بضرورة تنفيذ توصية المجلس باعتماد الخبرة الجينية لحماية حق الطفل في النسب بغض النظر عن الوضعية العائلية لوالديه.
وعلى هامش هذه الندوة، وقعت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة- تطوان-الحسيمة بشراكة مع هيئة المحامين بتطوان اتفاقية شراكة وتعاون تروم تعزيز العمل المشترك ونشر ثقافة حقوق الإنسان، فكرا وممارسة، وسط الفاعلين في هيئات الدفاع ومؤسسات إنفاذ القانون.
وفي هذا الصدد أشارت السيدة الطود أن "هذه الاتفاقية ستمكن من تحقيق تعاون وشراكة مثمرة تروم نشر ثقافة ومبادئ حقوق الإنسان وإشعاعها بين مختلف المتدخلين في العدالة والمكلفين بإنفاذ القانون وبين المحامين والمحاميات الذين يتواجدون في طليعة الدفاع عن كل من انتهك حقه، فضلا عن المساهمة في تجويد معايير المحاكمة العادلة".