نشر في

أكدت السيدة آمنة بوعياش أن احتجاجات جرادة "تساءل السلطات العمومية من حيث إعمال التأويل الحقوقي للحق في التظاهر السلمي بغض النظر عن التصريح أو الإشعار وضمان حق التظاهر كمكسب من مكاسب المسار المغربي في اختياراته الديمقراطية".

جاء ذلك في مقدمة التقرير الموضوعاتي حول احتجاجات جرادة الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والذي صادقت عليه جمعيته العامة في دورتها الثانية في مارس 2020، حيث يقدم كل المعطيات التي توفرت لديه، بما فيها ما يتعلق بملاحظة المحاكمات وأعمال الرصد والتتبع والتفاعل مع السلطات المعنية والمجتمع المدني والفئات المتضررة، فضلا عن 29 استنتاجا و36 وتوصية مرتكزة على المقاربة المبنية على حقوق الإنسان.

وباعتبار أن احتجاجات جرادة تعد أحد تمظهرات إشكالية الانتقال من مرحلة استغلال المناجم في المدن التي تعتمد على النشاط المنجمي إلى ما بعد استنفاذها، فقد أكدت رئيسة المجلس أن هذا الانتقال ينبغي أن يكون مبرمجا وناتجا عن تخطيط يترتب عليه مسؤوليات فاعلين رئيسيين أولهما السلطات العمومية التي يتعين أن تدبر إكراهات هذا الانتقال وفق منطق استباقي يقوم على البحث في البدائل الاقتصادية الممكنة والملائمة لخصوصيات كل مدينة منجمية وثانيهما الشركات المستغلة للمناجم التي ينبغي أن تشتغل في احترام تام لمبادئ وشروط الاستدامة من جهة، وأن تحترم التزاماتها فيما يتعلق بالسلوك المسؤول للشركات من جهة أخرى.

وفي ذات السياق، أكدت رئيسة المجلس أن الاحتجاجات التي شهدتها مدينة جرادة أثارت وبامتياز الإشكاليات المرتبطة بإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في فضاء تعاني فيه الساكنة من صعوبات الولوج للعمل والصحة والمستوى المعيشي الكافي.

مضيفة أن "الانتهاكات ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية تنبع من عدة عوامل، أهمها غياب مقاربة ترتكز على مبادئ المشاركة والمساءلة وعدم التمييز والمساواة والتمكين الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشة، وهو ما ينجم عنه ارتفاع معدلات البطالة والوصول المحدود وغير المستقر إلى سبل العيش وعدم القدرة على تصحيح الاختلالات القائمة وعدم إيجاد الحلول المناسبة في الوقت المناسب، وبالتالي حدوث احتجاجات اجتماعية".

وبناء على ذلك، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لينبه إلى ضرورة تبني استراتيجية تعتمد الإنذار المبكر فيما يتعلق بانتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نظرا للعواقب التي يمكن أن تنجم عنها والتي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى وقوع توترات اجتماعية، حيث يكتسي العمل الاستباقي والمبكر أهمية خاصة في ضمان اتخاذ إجراءات وقائية مناسبة لحماية السلم المدني.

جدير بالتذكير أن هذا التقرير، الذي تمت صياغته في الفترة الممتدة بين دجنبر 2019 وفبراير2020 في ستين صفحة والذي ساهمت فيه اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الشرق بشكل كبير، يهدف، من جهة، إلى رصد الأحداث وتتبعها وتوثيقها وتقييم آثارها على الحقوق والحريات، وفقا للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب والضمانات التي يوفرها الدستور والتشريعات الوطنية، ومن جهة أخرى، تقديم مقترحات مبنية على مقاربة حقوقية من شأنها المساهمة في معالجة القضايا المتصلة بمطالب احتجاجات جرادة من جهة، واستخلاص النتائج للحيلولة دون تكرارها في سياقات مشابهة من جهة أخرى.

تحميل تقديم التقرير

أعلى الصفحة

 

اقرأ المزيد