تصادف الذكرى 72 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذكرى 30 لإحداث المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالمغرب، مؤسسة بصمت خلال ثلاثة عقود تحولات حقوقية كبرى وكانت دائما في قلب الإصلاحات الجوهرية بالمغرب ومسار حقوق الإنسان وتطورها بالمملكة.
"لقد خلق هذا المسار الظروف المواتية للانخراط الطوعي والإرادي للمغرب في المنظومة الدولية والأممية لحقوق الإنسان كما جسد تفاعلا غير مسبوق بين الإرادة العليا للدولة والحركة الحقوقية من أجل قراءة الماضي واستشراف المستقبل (...)"، آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
مسار انطلق بإحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في 8 ماي 1990، بعد أن قرر المغرب أن يكون من الدول السباقة لإحداث مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، ليصبح المجلس بالتالي أحد أعرق المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في العالم.
خلال مسار 30 سنة، خضعت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لثلاث محطات إصلاحية جوهرية، سمحت في كل مناسبة بتقوية أدوار المجلس وتعزيز صلاحياته واستقلاليته، قبل أن تتحقق طفرة على مستوى الاختصاصات الأساسية للمؤسسة في 2018، حيث أصبح المجلس في ولايته الحالية، بالإضافة إلى اختصاصاته التقليدية في الحماية والنهوض بحقوق الإنسان واختصاصاته الترابية والجهوية، يحتضن ويضطلع بأدوار الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا الانتهاكات، والآلية الوطنية الخاصة بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة، وهي آليات جاء إحداثها في إطار استكمال المغرب لمنظومة حماية حقوق الإنسان وإعمال التزاماته الدولية بموجب المعاهدات الثلاث ذات الصلة التي صادقت عليها المملكة.
زخم هذا المسار الحافل مكن المؤسسة من بلورة مقاربات واستراتيجيات متجددة في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، انتقلت بعد هذا الإصلاح الأخير سنة 2018 إلى مستويات أكبر وأشمل، خاصة مع تبني الجمعية العامة للمجلس في أول دورة لها مقاربة ثلاثية (Tripple P) تقوم على ثلاث ركائز أساسية: حماية حقوق الإنسان، النهوض بحقوق الإنسان والوقاية من الانتهاكات، انبثق عنها اعتماد مفهوم فعلية حقوق الإنسان، الذي فتح آفاقا جديدة للعمل من أجل تكريس حقوق الإنسان وأصبح بالتالي محددا رئيسيا في عمل المجلس وتقييمه للأوضاع وفي علاقاته وتفاعله مع الحكومة والبرلمان ومع شركائه، على المستوى الوطني والدولي. باعتماد هذا المفهوم أصبح المجلس يركز أكثر على هدف أسمى يتجاوز في تقييمه للأوضاع ضمان حقوق الإنسان في التشريعات والتنصيص عليها في الاستراتيجيات، بل يركز في المقابل، على الفعلية ومدى التمتع الفعلي للمواطنات والمواطنين بحقوقهم وحرياتهم الأساسية، بشكل متساو.
لقد بصم المجلس الوطني لحقوق الإنسان (وهو مؤسسة وطنية مستقلة ذات ولاية شاملة بمنطوق الدستور وايضا في امتثاله لمبادئ باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان) طيلة هذا المسار على أدوار ريادية على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي: سواء على مستوى التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان أو على مستوى الشبكة الإفريقية والشبكة العربية والشبكة الفرنكوفونية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (سواء على مستوى التأسيس أو على مستوى آليات الإشراف وعضوية الآليات التنفيذية أو على مستوى ترأس مجموعة العمل والهيئات الفرعية الرئيسية).
"ونحن نخلد الذكرى 30 للمجلس ونحتفل بهذا المسار المتميز والمتواصل لمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في سعيها لتحقيق فعلية التمتع بجميع الحقوق والحريات لجميع المواطنات والمواطنين، لا يفوتني أن أتوجه بالشكر لجميع رؤساء وأعضاء وأطر وموظفي المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سابقا (1990-2011) والمجلس الوطني لحقوق الإنسان حاليا على مساهماتهم في تجسيد مسار طبع تحولات مجتمعية كبرى على امتداد ثلاثة عقود"، آمنة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان."
رابط الفيديو: https://youtu.be/NMZ0rlABQ4s