أنتم هنا : الرئيسيةأرشيف الهيئة، مسؤولية الغد

النشرة الإخبارية

المستجدات

14-03-2024

المجلس الوطني لحقوق الإنسان يؤكد بجنيف على ضرورة عقد لقاءات تشاورية مع الأطفال (...)

اقرأ المزيد

13-03-2024

التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان يعبر بجنيف عن دعمه للمقاربة (...)

اقرأ المزيد

11-03-2024

الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان: مشاركة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في النقاش (...)

اقرأ المزيد
الاطلاع على كل المستجدات
  • تصغير
  • تكبير

أرشيف الهيئة، مسؤولية الغد

"لا تعتبر قضية الأرشيف قضية مرتبطة بالماضي. [...] بل قضية مستقبل…؛ قضية استجابة ووعد ومسؤولية في الغد" جاك ديريدا، Mal d'archive، كاليلي، 1995

قامت هيئة الإنصاف والمصالحة خلال فترة انتدابها بإصدار وتلقي عدد كبير من الوثائق المتعلقة بممارسة أنشطتها. ورغم أن هذه الوثائق أعدت لغرض التدبير في الوقت الحاضر، إلا أنها تحتوي على قيمة تاريخية مهمة جدا نظرا للسياق الذي أنتجت فيه من أجل الاستجابة إلى احتياجات البحث عن الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وإقامة البراهين والحجج ودراسة مرحلة تاريخية وإعطاء الكلمة لضحايا سنوات القمع وإماطة اللثام عن السنوات المظلمة من تاريخ المغرب بصفة عامة.

ولقد كانت مسألة حفظ الأرشيف، سواء أكان أرشيف الهيئة أو غيرها، في صلب انشغالات الهيئة. وذلك لأن الهيئة كانت أولا وقبل كل شيء في حاجة ماسة للأرشيف طوال فترة انتدابها من أجل إثبات الحقيقة (ضرورة دراسة الماضي وتحليله من أجل فهمه) وجبر الضرر وإعادة الاعتبار إلى الضحايا (ضرورة إقامة الحجة والبرهان)، والمصالحة، ما دامت المصالحة مع الماضي لا يمكن أن تتحقق دون إعادة بناء الوقائع وتملك هذا الماضي والتماهي معه ودون الذكريات المعاشة بطريقة غير مؤلمة. والسبب الثاني هو أن مسألة حفظ الذاكرة التي تعتبر مسألة حيوية في جميع تجارب الانتقال الديمقراطي تمر بالضرورة عبر الأرشيف الذي يساهم في إعادة تشكيل الذاكرة وتوثيقها. فبفضل الأرشيف، يمكن توثيق تاريخ المجتمعات وتجاربها وتطورها وإقامة البراهين والحجج وضمان حقوق المواطنين.

وقد ترجم هذا الانشغال بشكل جيد في توصيات الهيئة التي أكدت على ضرورة حفظ الأرشيف الذي تركته. وتعكس روح هذه التوصيات الاهتمام الذي أولته الهيئة إلى مبدأ حفظ الذاكرة والذي على أساسه تتحمل الدولة مسؤولية حفظ الأرشيف والعناصر الأخرى المكونة للبرهان المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان وذلك بغرض حفظ الذاكرة الجماعية من النسيان.

ومن شأن حفظ أرشيف الهيئة أن يسمح بحفظ الذاكرة المؤسساتية الضرورية لفهم مهام الهيئة وقيمها ومبادئها الأساسية وتفسير توجهاتها وسياساتها، كما من شأنه أن يحفظ الوثائق التي قد تخدم البحث التاريخي وتمكن بشكل رسمي المواطنين ومختلف الفاعلين في المجتمع من الوصول إلى جزء من ذاكرة البلاد الغامضة حتى الآن.

ما هو أرشيف الهيئة؟1-

دور الأرشيف

مكن الأرشيف الذي تتوفر عليه الهيئة من متابعة تطور عملها، فهو يساهم في توثيق أنشطة الهيئة ويسمح بمعرفة مدى تفاعلها مع

محيطها. كما ساعد هذا الأرشيف على توثيق جزء من تاريخ المغرب خلال الفترة التي تمتد من 19956 إلى 1999، وذلك من خلال الدراسات والأبحاث والشهادات...إلخ. ويشمل أرشيف الهيئة مجموعة من الصور والتسجيلات السمعية والبصرية لشهادات الضحايا وذوي حقوقهم والفاعلين السياسيين. ويرتكز أرشيف الهيئة على أنشطتها باعتبارها لجنة للحقيقة أسسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس كما يوفر معلومات حول مهامها واستراتيجياتها وخطط عملها.

طبيعة الأرشيف وصنفه

تتكون الأرصدة الوثائقية من مجموعة من الوثائق التي استعملتها الهيئة خلال فترة انتدابها وهي الوثائق التي أعدتها الهيئة نفسها أو تلك التي استقتها من مصادر أخرى مختلفة (منظمات غير حكومية والحكومة والضحايا والصحافة...)، وتتعدد الوسائل التي تسجل فيها أرصدة الهيئة: الورق والوثائق الإلكترونية والوسائل السمعية والسمعية-البصرية (في آش إس، دي في دي، بيطا كام و6 مم) والصور وقاعدة البيانات.

وبصفة عامة، تنقسم أرصدة الأرشيف إلى عدة فئات: أرصدة عامة تضم الوثائق المؤسسة والتقارير الدورية ومداولات الأعضاء ومساهماتهم... إلخ؛ وأرصدة إدارية تضم جميع الوثائق التي قامت الهيئة بإعدادها وتلقيها والمتعلقة بالتدبير الإداري والمالي لبرامجها؛ وأرصدة برامج جبر الضرر والتحريات وجلسات الاستماع العمومية ...إلخ؛ وأرصدة ملفات "الضحايا" التي تشمل الملفات الاسمية حسب "الضحايا" وقاعدة بيانات معالجة الملفات...إلخ؛ والأرصدة السمعية البصرية والصور وأرصدة ملفات الهيئة المستقلة للتحكيم.

الاستفادة من الأرصدة

ويمكننا أن نقول أنه لتحقيق الأهداف المسطرة أعلاه، ينبغي فتح أرشيف الهيئة في وجه العموم دون قيد أو شرط، وهذا هو سبب كونها أرشيفات بشكل عام كما أن هذا هو المبدأ الذي ينبغي أن يحكم أرصدة أرشيف الهيئة. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه ليس ذاك المتعلق بفتح الأرشيف كليا أو إغلاقه في وجه العموم؟ بل متى سيحدث ذلك؟ وهذا سؤال يؤرق بال كل مسؤول عن الأرشيف بشكل عام: قد تتطلب هذه العملية مدة زمنية تمتد من صفر إلى 100 سنة.

وينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار حقيقة مفادها أن أرشيفات الهيئة تضم وثائق تحتوي على معطيات شخصية حول الضحايا وعائلاتهم ووثائق قدمتها مصالح الدولة تحتوي على معلومات سرية ومعلومات قد تضر بالغير... إلخ، لذلك فمن الضروري التفكير في وضع حدود ربما للاطلاع على هذا النوع من الوثائق لأسباب أخلاقية.

2- نحو توسيع الأرصدة

ومن المناسب أن نستفيد اليوم من العمل الذي تحقق والمتمثل في حفظ أرشيفات الهيئة من أجل إدماجه في مقاربة أكثر شمولية تضم الجوانب المتعلقة بحفظ الأرشيفات المرتبطة بحقوق الإنسان بصفة عامة انطلاقا من إعادة تشكيل ذاكرة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. فأرشيفات هذه المؤسسة تساهم في توثيق جزء من تطور المسلسل الديمقراطي للبلاد ومسار تسوية ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك مرحلة إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة. وهذه مقاربة من دونها قد تفقد حلقة في مسلسل بناء الذاكرة الذي يرسم تطور حقوق الإنسان بالمغرب.

وموازاة مع ذلك، ورغم أن تكوين أرشيف لم يكن هدفا من بين أهداف الهيئة، فإن تشكيل توثيق تاريخي حول جزء من تاريخ البلاد يستلزم عملا كبيرا لإغناء رصيد الأرشيف، وهكذا يمكن أن نسد الثغرات وإكمال رصيد الأرشيف في حدود المستحيل وتوسيع مجال توثيق البحوث مستقبلا. وبالفعل فإن هناك مجموعة من المصادر المهمة للمعلومات المباشرة أو غير المباشرة المتعلقة بهذا الموضوع تبقى مشتتة لدى المنظمات غير الحكومية والمؤسسات العمومية أو ببساطة لدى أشخاص عاديين، كما توجد أرصدة جد مهمة خارج البلاد. إذن فحفظ الذاكرة الجماعية والأرشيفات بشكل خاص لن يتحقق دون مساءلة وإشراك عدد مهم من الفاعلين داخل المجتمع.

فضلا عن ذلك، يبقى أن نشير إلى أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان هو المالك الوحيد لأرشيفات الهيئة وينبغي عليه أن يتحمل مسؤولية معالجتها وحفظها؛ والموقع النهائي لهذا الرصيد في المستقبل لن يكون إلا المؤسسة الوطنية للأرشيف التي تعتبر الضامن الحقيقي لحماية وحفظ مجموع تراث الأرشيف الوطني.

بقلم أسماء فالحي، مكلفة بمهمة لدى الرئاسة

أعلى الصفحة